لَكِنْ لا يُبَايِعُ وَلا يُشَارِيْ (1)، وَإِنْ فَعَلَ ذلِكَ فِيْ الحَرَمِ، اسْتُوْفِيَ مِنْهُ فِيْهِ (2)،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
= أما إن قتل خارجه ثم لجأ إليه فهنا إن أمكن إخراجه منه وقتله خارجه فهو أولى، فإن تعذر ذلك أو ترتب على إخراجه مفاسد فيقتل في الحرم قطعاً لشره.
(1) قوله «لَكِنْ لا يُبَايِعُ وَلا يُشَارِيْ» أي: ومن قتل أو أتى حداً خارج الحرم، ثم لجأ إليه لم يستوف منه فيه - كما تقدم - ولكن يضيق عليه، فلا يبايع ولا يُشارى حتى يخرج إلى الحل فيقام عليه، لأن الاستيفاء واجب في الجملة، وفي مبايعته ومشاراته إبقاءً له في الحرم، وذلك يفضي إلى عدم استيفاء الواجب.
والمراد بالحرم: حرم مكة، فأما حرم المدينة فليس كذلك على الصحيح من المذهب، والله تعالى أعلم.
(2) قوله «وَإِنْ فَعَلَ ذلِكَ فِيْ الحَرَمِ، اسْتُوْفِيَ مِنْهُ فِيْهِ»: أي إن فعل ما يوجب الحد في الحرم استوفي منه فيه، لأن الله تعالى حرم القتال في الحرم وأباحه لمن قوتل فيه، فقال تعالى: {وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} (?)، ولأنه انتهك حرمة الحرم وعَرَّضَ نفسه للعقوبة، ولأن أهل الحرم يحتاجون إلى الزجر عند ارتكاب المعاصي، حفظاً لأنفسهم وأموالهم وأعراضهم، كما يحتاج إليه غيرهم، فلو لم يشرع الحد على من ارتكبه في الحرم، لتعطلت حدود الله في حقهم، وفاتت هذه المصالح التي لا بد منها.