هل تصح المكاتبة بمال حال؟

خلاف الفقهاء في حكمها والراجح من الأقوال

بابُ المُكاتَبِ

المُكَاتَبَةُ: شِرَاءُ العَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِمَالٍ فِيْ ذِمَّتِهِ (1)، وَإِذَا ابْتَغَاهَا العَبْدُ المُكْتَسِبُ الصَّدُوْقُ مِنْ سَيِّدِهِ, اسْتُحِبَّ لَهُ إِجَابَتُهُ إِلَيْهَا؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالى: {وَالَّذِيْنَ يَبْتَغُوْنَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوْهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيْهِمْ خَيْرًا} (2)،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: «باب المكاتب. المكاتبة: شراء العبد نفسه من سيده بمال في ذمته»

تعريف المكاتبة

(1) قوله: «بابُ المُكاتَبِ. المُكَاتَبَةُ: شِرَاءُ العَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِمَالٍ فِيْ ذِمَّتِهِ»: هذا هو تعريف المكاتبة، وسميت بذلك لأن الغالب ألا تقع بين العبد وسيده, وقوله «شِرَاءُ العَبْدِ نَفْسَهُ» أولى بلا شك من قول بعض الفقهاء كما هو في زاد المستقنع - بيع العبد نفسه - لأن الأول أوضح وأبين.

وقوله «بِمَالٍ فِيْ ذِمَّتِهِ» أي بمال مؤجل في ذمة العبد، وهل تصح بمال حال؟

نقول: نعم؛ وكلام المؤلف خرج مخرج الغالب حيث أن العبد في الغالب لا يملك ما يفدي به نفسه من سيده حالاً بل يكاتبه ثم يبحث عن مال المكاتبة, لكن إن حصل عليه في الحال جاز له أن يوفيه كما هو الحال في حديث بريرة فقد كاتبت أهلها على تسع أواق ثم جاءت تستعين بعائشة رضي الله عنها فقالت إن أراد أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت (?).

قوله «وإذا ابتغاها العبد المكتسب الصدوق من سيده, استحب له إجابته إليها؛ لقول الله تعالى: [والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا]»

(2) قوله «وَإِذَا ابْتَغَاهَا العَبْدُ المُكْتَسِبُ الصَّدُوْقُ مِنْ سَيِّدِهِ, اسْتُحِبَّ لَهُ إِجَابَتُهُ إِلَيْهَا؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالى: {وَالَّذِيْنَ يَبْتَغُوْنَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوْهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيْهِمْ خَيْرًا}»: بين المؤلف هنا المكاتبة وأنها تستحب، لكن اشترط أهل العلم لسنيتها شروطاً سنذكرها لاحقاً، وجمهور الفقهاء اتفقوا على أن المكاتبة مستحبة لأن العبد قد يقصد بها الاستقلال والاكتساب والتزوج فيكون أعف له كما سيأتي إن شاء الله من بيان الحكمة في مشروعيتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015