ومما ينبغي التنبيه إليه أن تتاح لجميع العمّال فرصٌ متساوية، وليس من العدل أن تُتاح فرص العمل لأصحاب الشهادات العليا، ويحرم العوام منها، ومن الأمثلة العملية على تكافؤ الفرص ما رواه المؤرخون عن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز (?) - رحمه الله- أن أحد ولاته كتب إليه أن أناساً من العمّال الذين قبله اقتطعوا من مال الله مالاّ عظيماً، وطلب الإذن منه لاستخراجه من أيديهم بالقوة والعذاب، فردّ عليه قائلاً:" أما بعد، فالعجب كل العجب من استئذانك إياي في عذاب البشر، كأني لك جُنة من عذاب الله، وكأن رضائي يُنجيك من سخط الله، فانظر، فمن قامت عليه البينة فخذه بما قامت عليه به، ومن أقرّ لك بشيء فخذه بما أقرّ به، ومن أنكر فاستحلفه بالله، وخلّ سبيله، فو الله لأن يلقوا الله بخياناتهم أحبّ إليّ من أن ألقى الله بدمائهم" (?)،
وهذا يدل على حرص عمر بن عبد العزيز - رحمه الله- على توزيع فرص الغنى بين أبناء المسلمين، ويُقاس عليه توزيع فرص العمل بين أبناء المسلمين، وهنا نتساءل أين العدل من توزيع فرص العمل في أيامنا؟ بل وأين توزيع فرص الشبع بين المسلمين؟ من أجل ذلك ينبغي أن يُعرف أن توفير فرص العمل للجميع هو حق إنساني يستحقه الإنسان، بصفته الإنسانية المحضة، لا بصفته من أبناء طبقة خاصة أو أسرة معيّنة، (?) وقد نصّ الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان في المادة رقم (13):" العمل حق تكفله الدولة والمجتمع لكل قادر عليه، وللإنسان حرية اختيار العمل اللائق به، مما يحقق به مصلحته ومصلحة المجتمع، وللعامل حقه في الأمن، والسلامة، وفي الضمانات الاجتماعية الأخرى كافة، ولا يجوز تكليفه بما لا يطيقه أو إكراهه أو استغلاله أو الإضرار به" (?).