المطلب الثالث
عدم الغياب عن العمل أثناء فترة العمل
تعدُّ الطريقة التي يتصرف فيها العامل في استغلال الوقت لأداء العمل على أكمل وجه، إحدى المظاهر الأساسية التي تُقاس بها درجة الحرص التي يبذلها في أداء العمل؛ لذا يقع بعض العمّال في الإثم من جرّاء تهاونهم في هذا الواجب، فيغادر بعضهم مكان العمل دون إذنٍ من صاحب العمل، وهذا من شأنه أن يُلحق ضرراً بالغاً بالعمل وصاحبه، من هنا جاء قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" لا ضرر ولا ضرار" (?)، فكل وقت يذهب هدراً يمكن اعتباره ضرراً يلحق بصاحب العمل؛ لأن العامل استحق الأجرة مقابل تسليم نفسه للعمل طيلة الوقت، دون إهدار جزء من الوقت في غير العمل، إلا تلك الأوقات التي يستحقها العامل للراحة أو الصلاة، أو غير ذلك من الأعمال الضرورية، التي لا يُمكن القيام بها إلا في أوقات العمل، حيث نصّ الفقهاء على كراهة الحديث مع الآخرين أثناء العمل، حيث جاء في المغني:" وليس له محادثة غيره في حالة النسخ، ولا التشاغل بما يشغل سرّه، ويوجب غلطه، ولا لغيره تحديثه، وشغله، وكذلك كل الأعمال التي تخل بشغل السرّ والقلب، كالقصارة (صبغ الثياب) (?) والنساجة وغيرها" (?)، وقد اتفق الفقهاء على أن العامل إذا ترك العمل في بعض المدة المتفق عليها يعدُّ مخلاً بالتزامه، فعند الحنفية ينقص من أجر العامل بقدر تقصيره في عمله (?)،
وعند المالكية إن عمل العامل مدة غيابه بأجرة، كانت تلك الأجرة لمستأجره الأول (صاحب العمل)، وخيّر صاحب العمل بين أجرة العامل عند مستأجره الثاني، وبين إسقاط حصة مدة غيابه من أجرته عنده، وأما إن عمل بالمجّان فيسقط من أجرته بقدر ما فوت على صاحب العمل (?)،وعند الحنابلة إن حصل ضرر على