(أجير مشترك) فقال الله - سبحانه وتعالى - عنه: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ} (?)، وقد روى أبو هريرة - رضي الله عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" كان زكريا نجاراً" (?)، و علّق الإمام النووي (?) - رحمه الله- على هذا الحديث بقوله:" فيه جواز الصنائع، وأن النجارة لا تُسقط المروءة، وأنها صنعة فاضلة، وفيه فضيلة زكريا عليه السلام، فإنه كان صانعاً يأكل من كسبه" (?)،
وفيه إشارة إلى أن كل أحد لا ينبغي أن يتكبّر عن كسب يده؛ لأن نبي الله مع علو درجته اختار هذه الحرفة (?)،فلو كان الرزق يتأتى بدون عمل لجلس هؤلاء الأنبياء عليهم السلام، وأتاهم رزقهم وهم في بيوتهم، ورسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي عرف أهمية العمل منذ صغره فعمل راعياً للأغنام (أجير خاص) عند مشركي مكة (?)، وكذلك عاملاً في التجارة مع خديجة بنت خويلد (?) - رضي الله عنها-.
فهؤلاء الأنبياء لم ينظروا لنوع العمل أو أجرته، وإنما عرفوا أن قيمة الإنسان في ذاته، كما فهموا أن العمل المباح لكسب العيش يُعدّ وسيلة للحياة الكريمة، وعدّوا عملهم بمنزلة تعليم لأقوامهم.