ثالثاً: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها. (?)
الفريق الثاني: وهم القائلون بمنع المبتكر من أخذ عوض ابتكاره، وهم بعض علماء الحنفية (?) الذين تأثروا بقول متقدمي الحنفية القائلين بعدم اعتبار المنافع مالاً، ولكن بعض الحنفية نصّوا على أن المنفعة قد يؤخذ عنها عوضاً إذا ورد العقد عليها كعقد الإيجار (?)،وقد استدلوا بالأدلة الآتية:
أولاً: استدلوا بقول الله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (?)، ولكن هذه الآية خارج محل النزاع لأنه ورد في تفسيرها بأن المقصود من كتمان ما أنزل الله هو إظهار الزيف وإخفاء الحق (?)، كما ورد في سبب نزولها أن معاذ بن جبل ومعه جمعٌ من المسلمين سألوا يهود عن بعض ما في التوراة، فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم، فأنزل الله هذه الآية. (?)
ثانياً: قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" من كتم علماً يعلمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار" (?) وبالرغم من أنه لا حق لعالم أن يكتم ما علمه الله إياه، إلا أن هذا لا يستدعي من العالم أو المبتكر أن يوزع اختراعه بالمجان أو بدون مقابل، وإنما يتقاضى لقاء اختراعه بالمثل.
ثالثاً: احتج المانعون بأن نشر الابتكار بلا مقابل يحقق مقصداً من قاصد الشريعة الإسلامية وهو انتشار العلم بين الناس.
الفريق الثالث: من العلماء من نصح العلم أو العامل المبتكر بعدم أخذ مقابل اختراعه إذا لم تدعه الحاجة، وإن دعته أخذ بقدرها، وهذا من باب الورع وخروجاً من الخلاف، ولم يرجّح أصحاب هذا القول أياً من القولين السالفين. (?)