القسم الخامس: ما له في البدن أكثر من عشرة (الأسنان)، وفي ديتها خلاف طويل لا حاجة لذكره.
وما ذكر من الأقسام الخمسة يكون في ذهاب العضو بمنفعته، غير أنه قد تذهب المنفعة ويبقى العضو مجرد صورة لا نفع يُرجى منه، فمن جنى على إنسان فذهب سمعه أوبصره أو نطقه وجب في كل معنى من هذه المعاني كمال الدية (?)، ولو بقيت صورة العضو سالمة وموجودة، حيث جاء في تبيين الحقائق" وكل عضو ذهب نفعه ففيه دية، كيدٍ شُلّت، وعينٍ ذهب ضوؤها، لأن وجوب الدية يتعلق بتفويت جنس المنفعة، فإذا زالت منفعته كلها وجب عليه موجبه كله، ولا عبرة للصورة بدون المنفعة لكونها تابعة" (?)، وذكر صاحب الغني:" أن من أتلف حاسة أو أذهب منفعة من هذه المنافع فكأنه أذهب نفساً وأتلفها، ومن المعلوم أن في النفس الدية الكاملة" (?) وسأبذل جهدي في استخلاص القول في المعاني التي تجب فيها الدية:
أولاً: العقل، وذلك لأنه من أعظم المنافع وأجلّها، وهو أكثر ما يُميّز الإنسان عن غيره من المخلوقات كونه محل المعرفة وشرط التكليف، من أجل هذا جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذهابه الدية الكاملة فقال:" وفي العقل الدية" (?) وإذا ذهب بعض العقل استحقت الدية بقدر ما ذهب، حيث ورد في بعض كتب الفقه" ولو جُنّ من الشهر يوماً كان له جزء من ثلاثين جزءاً من الدية، وإن جُنّ في النهار دون الليل أو بالعكس كان له جزء من ستين جزءاً" (?)، أما إذا كان القدر الذاهب من العقل غير معلوم فيُترك الأمر للاجتهاد وتقدير الحاكم.
ثانياُ: السمع، اتفق أهل العلم على أن السمع إذا ذهب من الأذنين ففيه الدية كاملة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:" وفي السمع الدية" (?) ولما روي أيضاً أن رجلاً رمى رجلاً بحجر في رأسه فذهب سمعه وعقله ولسانه