المطلب الثاني
التعويض في الشريعة الإسلامية وقانون العمل الفلسطيني
جاء في كتب اللغة أن التعويض هو ضد البدل، والجمع أعواض، ويُقال: أعضت فلاناً إذا أعطيته بدل ما ذهب منه (?)، وقد دلّ على ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنهم - عندما قال:" فلما أحل الله ذلك للمسلمين - يعني الجزية - عرفوا أنه قد عاوضهم أفضل ما خافوا" (?) أي أبدلهم كسباً طيباً أفضل مما كانوا يخشون فوته، وقد قال الإمام الشافعي- رحمه الله -:" سافر تجد عوضاً عمن تفارقه" (?) أي بدلاً مكافئاً عمن تنأى عنه وتغترب، ومن اشتقاقات مادة العوض أيضاً التعويض وهو" اللفظ الذي نقصد الحديث عنه" حيث جاء في لسان العرب بعد أن ذكر المؤلف اشتقاقات كثيرة للفظ العوض:" ... والمستقبل التعويض" (?)، أما في اصطلاح الفقهاء فلم أقف على ذكرٍ للفظ التعويض بعينه، وإنما استعملوا بدلاً منه لفظ الضمان، وقد تفاوتت تعاريف الفقهاء للضمان، فقد عرّف الحنفية الضمان بقولهم:" هو إيجاب مثل التالف إن أمكن أو قيمته، نفياً للضرر بقدر الإمكان" (?)، وهو عند الشافعية:" حق ثابت في ذمة الغير" (?) وهو عند الحنابلة:" ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق" (?) ويعتبر تعريف الحنابلة من الأبعد عن المعنى المطلوب كونه يخص لفظ الضمان بالكفالة، مع أن الحنابلة يستعملون لفظ الضمان في حالات التعويض بالمثل أو القيمة، ويرى الباحث أن تعريف الحنفية هو الأقرب للمعنى المراد من التعويض لأنه أبرز معنى الضرر.
وقد ذكر الإمام ابن القيم -رحمه الله - عبارات يمكن اعتبارها تعريفاً للتعويض فقال:" ... تغريم الجاني نظير ما أتلفه" (?) وقال في موضع آخر:" العوض هو مقابلة المتلف من مال الآدمي" (?)