أما تعريف الإجازة اصطلاحاً: فلم أجد - بعد طول عناء وبحث- من علماء الشريعة أحداً وضع لها تعريفاً نظراً لأن هذه التراتيب الإدارية لم تكن معروفة لديهم، مع أن الشواهد النبوية تشير إلى ضرورة إعطاء البدن ما يحتاجه من وقت للراحة، ويؤيد هذا حادثة مؤاخاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان الفارسي (?) وأبي الدرداء (?)
-رضي الله عنهما-، حيث آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما فزار سلمان أبا الدرداء، فرأَى أُمّ الدرداء مُتبذِّلَة، فقال لها: ما شأنكِ؟ قالت: أَخوك أَبو الدرداء، ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أَبو الدرداء، فصنع له طعامًا، فقال: كُل فإني صائم، قال: ما أَنا بآكلٍ حتى تأْكل، فأَكل، فلما كان الليل ذهب أَبو الدرداء يقوم، فقال: نم، فنام ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان آخر الليل قال سلمان: قم الآن، قال: فصلَّيا، فقال له سلمان: إِن لربك عليْك حقاً، ولنفسك عليك حقًا، ولأَهلك عليك حقًا، فأَعط كلّ ذي حقّ حقه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"صدق سلمان" (?) و قد جاء في تعليق صاحب فتح الباري حول هذا الحديث أن فيه جواز النهي عن المستحبات إذا خشي أن يفضي إلى السآمة والملل، وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة منها أو المندوبة، وفيه أيضاً كراهة الحمل على النفس في العبادة (?)، وإذا كانت الكراهة قد وردت على حمل النفس على العبادة على حساب الصحة والعافية فمن باب أولى أن تكون الكراهة في حمل النفس على العمل، وإعمال البدن فوق طاقته داخل تحت هذه الكراهة.
ومن خلال تقرير الرسول - صلى الله عليه وسلم - لقاعدة " إن لبدنك عليك حقا" يمكن تعريف الإجازة على أنها: فترة انقطاع العامل عن دوامه الرسمي في العمل بإذن صاحب العمل لعوارض سيأتي ذكرها عند الحديث عن أنواع الإجازت، والحكمة من هذا الانقطاع- والله تعالى أعلم- أن العمل دون راحة يولّد الملل