فَإِنَّما تِلكَ أخبَارٌ مُلفَّقَةٌ ... لخِدعةِ الغَافِلِ الحَشَوِيِّ حُوشِيتَا
و"رسالة الغفران" مملوءةٌ بالسخرية المؤلمةِ من الجنِّ والملائكةِ جميعًا، وقد نَظَم الشِّعرَ في "رسالة الغفران" على ألسِنَةِ الجنِّ الذين دَخلوا الجنة، فقال: -وإنما يُريدُ الهُزْءَ والسخرية-:
مَكَّةُ أقْوَتْ من بَنِي الدَّرْدبسْ ... فَمَا لِجِنِّيٍّ بِهَا حَسِيسْ
* أصل الإِنسان: "شكَّ في أصل الإنسان، فقال:
جَائِزٌ أن يَكُونَ آدَمُ هَذَا ... قَبْلَهُ آدَمٌ عَلَى إِثْرِ آدَمْ
ثم جزم بذلك، فقال:
وما آدَمٌ في مَذْهَبِ العَقْلِ وَاحِدٌ ... وَلَكِنَّهُ عِنْدَ القِيَاسِ أَوَادِمُ
وتمنَّى أبو العلاء لو أنَّ الإِنسانَ لم يُوجَد؛ لأنه شرير مفسِد في الأرض، فقال:
يا ليتَ آدَم كَانَ طَلقَ أُمَّهُمْ ... أو كانَ حَرَّمَهَا عَلَيْه ظهَارُ
وَلَدَتْهُمُ في غَيْرِ طُهْر عَارِكًا ... فَلذَاكَ تُفْقَدُ فِيهِمُ الأَطَهَارُ
وهو لا يُفرِّقُ في حُكم العقل بين ابنِ الحَرةُ وابنِ الزانية، فيقول:
وسِيَّانِ مَنْ أُمُّهُ حرَّةٌ ... حَصَان ومَنْ أُمُّهُ زَانِيَهْ
ويقول:
ما مَيَّزَ الأَطفالَ في أشبَاحِهَا ... للعَينِ حِل وِلاَدَةٍ وَظهَارُ
وبَالَغ أبو العلاء في كُرهِ الوجودِ حتى استَحسَن من وَأْد البنات ما حَرمه الله:
ودفْن والحَوَادِثُ فَاجِعَاتٌ ... لإِحْدَاهنَّ إِحدى المَكرُماتِ