لعبد الله البصري
يَا عَينُ جُودِي بدَمع مِنكِ مُنسَكِبِ ... وَابكِي عَلى الفَضلِ وَالأخْلاقِ وَالأدَبِ
وَاسْتَفرِغِي الدَّمعَ لاَ تُبقِيهِ قد عَظُمَتِ ... مُصيبَةُ الكَوْنِ سُبَّ المُصطَفَى العَرَبي
سَبُّوا نَبي الهُدَى وَاستَهِزَؤُوا عَلَنًا ... بالهَاشِمِي المُفَدَّى طاهِرِ النَّسَبِ
سَبُّوهُ وَاسْتَهْزَؤُوا وَاسْتَمطرُوا غَضبًا ... فَليَرقُبُوا عَن قَرِيب ثَوْرَةَ الغَضَبِ
يَا وَيْحَهُمْ أيُّ جُرْمٍ قَدْ أَتَوْهُ أمَا ... لِلْحِقْدِ حَدٌّ وَزُورِ القَوْل وَالكَذِبِ
يَا وَيْحَهُمْ أَيْنَ مَا كانُوا إِلَيْهِ دَعَوْا ... في مَجْلِسِ الأمْن مِنْ سِلمٍ وَمِنْ رَحَبِ
أَيْنَ الحِوَارَاتُ أمْ أَيْنَ القَرَارَاتُ أَمْ ... أيْنَ الوعُودُ الَّتِي صِيغَتْ مِنَ الذهَبِ
أمْ أَنَّهَا دُولَةٌ بَينَ اليَهُود وَمَنْ ... أَمْسَى عَلَى دَرْبهمْ مِنْ عَابدِي الصُّلُبِ
تَبًّا لَهَا مِنْ حِوَارَات وَتَبًّا لهُ ... سِلمًا يُدَانُ بِهِ إلاَّ مَعَ العَرَبِ
بِالأمْسِ أَبْدَوْهُ تْحقِيقًا لِمَصْلَحَةٍ ... كَانَتْ تُدَارُ وَأخْفَوْا غَيْضَ مُرتَقِبِ
وَاليَوْمَ فَاهُوا بما تُخْفِي صَدُورُهُمُ ... مِنْ إحْنَة زَالَ عَنهَا مُظلِمُ الرِّيبِ
الحِقْدُ قد بَانَ وَالبَغْضَاءُ قَدْ ظَهَرَت ... وَالكُرْهُ قَد شَبَّ في الطَاغِينَ كالجَرَبِ
يُمْسِي بِبَلدَةِ أو غَادٍ وَيُصبِحُ قَدْ ... أَلقَى بِأخْرَى رِحَالَ القَصْدِ عَن كَثَبِ
أَغْرِى بِه سَاسَةُ الأبقارِ إِخْوَتَهُم ... فاسْتَجْمَعُوا النَّطحَ في هَرَجٍ وفِي صَخَبِ
لَم يَرْقُبُوَا مَوْثِقًا فِينَا وَمَا اكتَرَثُوا ... يَومَ استَخَفُّوا بِدينِ أَوْ بعِرضٍ نَبِي
لَكِن لَنَا الله مَوْلاَنَا نُؤَمِّلُهُ ... عندَ الرَّخاءِ وفي الشِّدَّات وَالنُّوَبِ
ربٌّ يَغَارُ وَمَن يَطلُبْهُ يدرِكْهُ لاَ ... أَرضٌ تَقيه وَلا قَصْدٌ إلَى هَرَبِ
وَهْوَ الحَسيبُ وَكَافِينَا وَنَاصِرُنَا ... في كُل خطبَ فَلاَ نَخْشَى مِنَ الغَلبِ
اليَومَ نَبكِي بدَمعٍ لسَاجِمٍ وَغَدًا ... قدْ يَضحَكُ الدَّهرُ مِن أُنسٍ وَمِنْ طَرَبِ