إني لَحَصانٌ، فما أكلَّم، وثَقَافٌ (?) فما أُعلَّم، وكلنا من بني العمِّ، وقريش بعد أعلم" (?).
° وروى الحافظُ عن ابن عباس قال: لما نزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبّ} وجاءت امرأةُ أبي لهب، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، ومعه أبو بكر، فقال له أبو بكر: لو تنحَّيتَ لا تؤذيكَ بشيء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه سيُحال بيني وبينها"، فأقبلَتْ حتى وقفتْ على أبي بكر، فقالت: يا أبا بكر، هجانا صاحبُك، فقال أبو بكر: لا وربِّ هذه البِنْية، ما نَطق بالشِّعر ولا يتفوَّه به. فقالت: إنك لَمُصدَّق. فلمَّا ولَّت قال أبو بكر - رضي الله عنه -: ما رأْتك؟ قال: "لا، ما زال مَلَلكٌ يسترُني حتى ولَّت" (?).
° "فهكذا بَلَغ منها الغيظُ والحَنَقُ من سَيرورةِ هذا القول الذي حَسِبَتْه شِعرًا، وكان الهجاءُ لا يكونُ إلاَّ شعرًا مما نفاه أبو بكر، وهو صادقٌ، ولكنَّ الصورةَ المُزرِيةَ المثيرةَ للسخرية، التي شاعت في آياتها قد سُجِّلت في الكتاب الخالد، وسجَّلَتْها صفحاتُ الوجود أيضًا، تنطقُ بغضبِ اللهِ وحَرْبه على أبي لهب وامرأته، جزاءَ الكيد لدعوةِ الله ورسولِه، والتبابُ والهلاكُ والسخريةُ والزِّراية جزاءُ الكائدين لدعوة الله في الدنيا، والنار في الآخرة جزاءً وفاقًا، والذلُّ الذي يُشير إليه الحَبلُ، في الدنيا والآخرة جميعًا" (?).