الأديان "مخترعاتٌ أحْدَثَها نقصُ العقل الإنساني"، وجَهَر كِلاهما بإنكارِ الألوهية، ورَفَع كل عقيرتَه بالتشنيع على الأنبياء -برَّأهم اللهُ ممَّا قالا-، وكثيرًا ما ألَّفَ "فولتير" مِن الكتب في تخطئةِ الأنبياءِ والسخريةِ بهم والقدح في أنسابهم وعَيبِ ما جاؤوا به" (?).

° "وقد واجَهَ توفيقُ الحكيم هذه القصة، فقال: قرأتُ قصةَ "فولتير" التمثيلية "محمد"، فخَجِلتُ أن يكونَ كاتبُها معدودًا في أصحابِ "الفكر الحر"، فقد سَبَّ فيها النبي سبًّا قبيحًا عَجِبتُ له وما أَدركتُ له عِلَّةً، لكن عَجَبي لم يَطُلْ، فقد رأيتُه يُهديها إلى "البابا بنوا الرابع عشر"، وعَلِمتُ أن "روسو" كان يتناولُ بالنقدِ أعمالَ "فولتير" التمثيلية، فاطَّلعتُ على ما قال في قصة "محمد"، عَلَّني أجدُ ما يَرُدُّ الحقَّ إلى نِصابه، فلم أَرَ هذا المُفكرَ الحر أيضًا يَدفعُ عن النبي ما أُلْصِقَ به كَذِبًا، كأن الأمرَ لا يَعنِيه، وكأنَّ ما قيل في النبي لا غبارَ عليه ولا حَرَج منه، ولم يتعرض للقصَةِ إلاَّ مِن حيثُ هيَ "أدبٌ وفن"، وقد قرأتُ بعد ذلك ردَّ "الباب بنوا" على "فولتير"، فألفيته ردًّا رقيقًا كيِّسًا لا يُشيرُ بكلمةٍ واحدةٍ إلى الدين، وكلُّه حديث في الأدب، فعَظُم عَجَبي لأمرِ "فولتير"، وسألتُ نفسي طويلاً: أيستطيعُ عقل مثقَّفٌ كعقل هذا الكاتبِ العظيم أن يعتقدَ ما يقول؟! دينٌ يتبعُه آلافُ الملايينِ من البشر على مَدَى الأجيال، هو في نظرِه حقًّا دينٌ كاذب؟! ومبادئُ إنسانية كالتي جاء بها الإسلامُ هي عنده حقًّا مبادئُ بربرية، أم أنه التملُّقُ والزَّلفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015