أداةَ حربٍ على الكنيسة على طريقةِ "أياك أعني، واسمعي يا جارة"، ولذلك يقول "بفانموللر": "لكن "فولتير" لم يُرِدْ إطلاقًا "بمأساته" أن يُصور شخصيةَ محمدٍ التاريخية، وإنما أراد بذلك فقط أن يُحوِّل دَفَّةَ الحديثِ ضدَّ المسيحية الكاثوليكية، وضدَّ التضليل الكهنوتي، وضدَّ الخرافات، وضدَّ الدينِ نفسِه وما يَرتبطُ به ضرورةً مَن تعصَّب".
وقد مُثِّلت المسرحيةُ في مدينة "لِيل" عام 1741 م، ثم قَدَّمتها "الكوميدي فرانسيز" في باريس عام 1842 م، فاحتَجَّ عليها السفيرُ التركي لدى الحكومةِ الفرنسية، وعَقَد مؤتمرًا دعا إليه كُتَّابَ فرنسا الأحرار، فأَوقَفَتِ الحكومةُ تمثيلَها حينذاك (انظر: "الشرق والإسلام في أدب جوته" لعبد الرحمن صدقي ص 23).
وبجانب هذه الصورةِ الظالمةِ، نَجِدُ "فولتير" في مقالته moeurs) صلى الله عليه وسلمsai sur les) يُقدم لنا صورةً أخرى، يَصِفُ فيها "محمدًا" بأنه "الرجل العظيم الذي جَمع في شخصِه بين الفاتح والمُشرع والحاكِم والكاهن، والذي لَعِبَ أعظمَ الأدوارِ التي يُمكنُ أن يَلعَبَها إنسان على ظَهرِ الأرض" (انظر "بفانموللر" 172).
وفي وَسَطِ هذا البحرِ المتلاطِم بأمواج التخبُّطِ الواضح والتناقضِ الصارخ، لم يكن هناك كان للحقيقةِ التاريخيةِ والموضوعيةِ النزيهة.
وممَّا هو جديرٌ بالذكر أن "فولتير" كان يُعَدُّ من الملاَحِدِة حينًا، ومِن مُنكِرِي النبوَّاتِ عامة في أكثر الأحايين" (?).