يَزيدَ في القرْآنِ ما ليسَ منهُ عَمْدًا، وكذا سَهوًا؛ إذا كانَ مُغايرًا لِما جاءَ بهِ مِن التوحيدِ؛ لمكانِ عِصْمَتِهِ - صلى الله عليه وسلم -".
ثمَّ أَخَذَ -أَعني الحافظَ ابنَ حَجَرٍ- في أَجوبةِ العُلَماءِ عنِ القِصَّةِ المذكورَةِ -على تَقْديرِ ثُبوتِها-، وذَكَرَ أَجوبَةً كثيرةً.
وقدْ قَدَّمْتُ أَنَّ أَحْسَنَها ما استَحْسَنَهُ كَثيرٌ مِن المحَقِّقينَ مِن أَنَّ الشَّيطانَ هُو الذي قالَ: "تِلْكَ الغَرَانِيقُ العُلا"، فظنَّ المُشْرِكونَ أَنَّها مِن كَلامِ نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -، وحاشاهُ مِن ذلك.
ولذا اقتَصَرْتُ على هذا الجَوابِ، ولم أَذْكُرْ غيرَهُ.
° واللهُ تعالى في كتابِهِ العَزِيزِ أَسْنَدَ هذا الإلقاءَ للشَّيطانِ، حيثُ قالَ: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52]، ونِسْبَتُهُ إيَّاهُ للشَّيطانِ تَدُلُّ على بَراءَةِ جَنابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
° قال مُقَيِّدُهُ -عفا اللهُ عنهُ-: اعْلَمْ أَنَّ براءَةَ ساحَةِ خاتَمِ الرُّسُلِ وأَشْرَفِهِم، وسَيِّدِ ولَدِ آدَمَ بالإِطلاقِ -عليهِ صلواتُ اللهِ وسَلامُهُ- ممَّا جاءَ في ظاهِرِ هذهِ القصَّةِ، تدلُّ عليهِ البَراهينُ القاطعَةُ، والأدِلَّةُ السَّاطِعَةُ؛ كما سَتَراهُ.
وقولُ الشَّيطانِ: "تلكَ الغَرانِيقُ العُلاَ" شِرْكٌ أَكبرُ صُراحٌ، وكُفْرٌ بَواحٌ، وهو - صلى الله عليه وسلم - مَبْعوثٌ لإخلاصِ العبادَةِ للَهِ وحْدَهُ؛ مِمَّا تَضَمَّنَتْهُ كلمةُ: "لا إلهَ إلَّا الله"؛ كجميعِ إخوانِهِ مِن المُرْسَلينَ:
* قالَ تَعَالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].