عن ابنِ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما-".
والكَلْبيُّ متروكٌ.
فتحَصَّلَ مِمَّا ذَكَرْنا أَن قصَّةَ الغَرانيقِ التي لم تَثبُتْ مِن طريقٍ مُتَّصِلَةٍ يجوزُ ذِكْرُها إلَّا هذا الطَّريقَ الذي شَكَّ راويهِ -وهو أُمَيَّةُ بنُ خالِدٍ- في الوَصْلِ.
ومَا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا مِن طريقٍ شَكَّ صاحِبُهُ في الوَصْلِ؛ فضَعْفُهُ ظاهِرٌ.
° ولذا قالَ الحافِظُ ابنُ كَثيرٍ في "تفسيرِهِ" في قِصَّةِ الغَرانِيقِ: "إنَّهُ لمْ يَرَها مُسْنَدَةً مِن وجْهٍ صحيحٍ، واللهُ تعالى أَعْلَمُ".
° وقالَ البيهَقِيُّ فيها: "إنَّها غيرُ ثابتةٍ مِن جهة النَّقْلِ".
وذَكَرَ الرَّازيُّ في "تفسيرِهِ" أَنَّها باطِلَةٌ.
° قالَ مُقيِّدُهُ -عفا الله عنه -: "إن القولَ بعَدَمِ صَحَّتِها لهُ شاهِدٌ مِن القرآنِ العظيمِ في سورةِ "النَّجْمِ"، وشَهادتُهُ لِعَدِمِ صِحَّتِها واضِحَةٌ: وهو أنَّ قولهُ تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19 - 20] الذي يقولُ القائِلُ بصحَّةِ القصَّةِ أنَّ الشَّيطانَ أَلقَى بعدَهُ ما أَلقى؛ قَرَأَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ في تلكَ اللحْظَةِ في الكَلِماتِ التي تليهِ مِن سورةِ "النَّجْمِ" قولَهُ تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ الله بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: 23].
فهذا يَتَضَمَّنُ مُنْتَهَى ذَمِّ الغَرانِيقِ التي هِيَ كِناية عنِ الأصْنامِ، إذْ لا ذَمَّ أَعْظَمُ مِن جَعْلِها أَسماءً بِلا مُسَمَّياتٍ، وجَعْلِها باطِلاً ما أَنزَلَ اللهُ بهِ مِن سَلطانٍ!!.