خُطةَ الله لخلاصِ العالَمِ من الخطيئة"!.
ولقد كان هذا ما فَعَله الهنديُّ في سَيرِه على خُطى اليونانيِّ، إذِ اعتَمَد في حديثِه عن المقاطع الشيطانية، على رواياتٍ متهالكةٍ قامت على تفاسيرَ منحرفةٍ لبعضِ آياتِ القرآن، مثل قول الله لنبيه: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: 74 - 75].
إنَّ الفهمَ اللُّغوي لهذه الآياتِ ليس في حاجةٍ إلى خَلْفِيَّةٍ عِلميَّةٍ أو تاريخيةٍ بما كان بين هؤلاء -المشركين الذين تحدَّث عنهم القرآن- وبين الرسول، فالآيةُ الأولى تؤكِّدُ بوضوحٍ أن اللهَ ثَبَّته، وبالتالي لم يَركَنْ إليهم .. والآيةُ الثانيةُ تُبيِّن أنه لو فَعَل ورَكَن إليهم -ولو شيئًا قليلاً-، لكان عَذابُه مضاعَفًا.
إنَّ القضيةَ واضحةٌ تمامًا، لكنْ هناك مَن تعامَوْا عن صَدْرِ الآية الأولى، ووقفوا يَنظُرون إلى بعضِ بقيَّتها نَظَرَ مَن يريدُ وقوعَ المنفيِّ وقوعُه، فاختَرعوا رواياتٍ باطلةً لا تَصمُدُ أمامَ التمحيص العِلميِّ ساعةً من نهار، وليس معنى ركونِ الرسولِ إلى المشركين -لو وقع- أنْ يأتيَهم بقرآنٍ من عنده ليرضيَهم افتراءً على الله، وكيف يكونُ هذا، واللهُ يُحذِّرُ المؤمنين من الركونِ إلى الظالمين، في قوله: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113]؟!.
فالركونُ إليهم، يعني -لغةً- موالاتَهم، أو القعودَ عن مجاهدتهم، أو الاعتمادَ عليهم.