° قال الشيخ أحمد محمد شاكر في كتابه "كلمة الحق": "كان الشيخ "طه حسين" طالبًا بالجامعةِ المصريةِ القديمةِ حين كانت متشرِّفة برياسةِ سُمُوِّ الأميرِ فؤاد "حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد" - رحمه الله -، وتَقَرَّر إرسالُه في بَعثةٍ إلى أوربا، فأراد صاحبُ العظمة "السلطان حسين" - رحمه الله - أن يُكرِمَه بعطفِهِ ورعايته، فاستقبَلَه في قَصْرِه استقبالاً كريمًا، وحَبَاهُ هَدِيَّةً قيِّمةَ المَغْزَى والمعنى.
وكان من خُطباءِ المساجدِ التابعين لوزارةِ الأوقاف، خطيبٌ فصيحٌ متكلِّمٌ مقتدرٌ، هو الشيخ "محمد المهدي" خطيب مسجد "غربان"، وكان السلطانُ حسين - رحمه الله - مواظِبًا على صلاةِ الجمعة في حَفلٍ فَخمٍ جليلٍ، يَحضُرُه العلماءُ والوزراءُ والكُبَراءُ.
فصَلَّى الجمعهً يومًا ما، بمسجد "المدبولي" القريب من "قصر عابدين" العامر، ونَدَبَتْ وَزارةُ الأوقاف ذلك الخطيبَ لذلك اليوم، وأراد الخطيبُ أن يَمْدَحَ عَظَمةَ السلطان، وأنْ يُنَوِّهَ بما أكرَمَ الشيخ طه حسين -وحُقَّ له أن يَفعل-، ولكن خانَتْه فصاحتُه، وغَلَبَه حبُّ التغالي في المَدح، فزَلَّ زَلَّةً لم تَقُم له قائمةٌ من بعدها، إذ قال أثناءَ خُطبته: "جاءه الأعمى، فما عَبَسَ في وجهه وما تَوَلَّى".