الدمِ والمال.

وهنا أمرٌ عظيمٌ يَنبغي التنبيهُ له، وهو أنْ يقال: "ما السرُّ في تَشبيهِ صحيفةِ "المساء" القاهرية للرسول - صلى الله عليه وسلم - بالديك دون بقيَّة الحيوانات؟ ".

إنه ظاهرٌ لِمَن تأمَّله، ألاَ إنه الجحود لنبوَّته، والإِنكار لرسالته، ورَميُه بأنه ثائرٌ شَهْوانيٌّ، ليس له همٌّ إلاَّ إشباعُ نَهْمَتِه من النساء، وهذا إمْعانٌ في الكفر، وإيغالٌ في الاستهزاء والاحتقارِ للجَنَاب العظيم والمَقَام الرفيع، لَعَن الله مَن تَنقَّصَه أو رَماه بما هو بَرَاءٌ منه، وقاتَلَ اللهُ صحيفةً "المساء" القاهرية والقائِمِين عليها الراضِين بهذا الاستهزاء، فما أعظَمَ ما تجرَّؤُوا عليه من الباطل!! وما أقبَحَ ما وَقعوا فيه من الإسفافِ والاستهزاء!!.

ولقد صان اللهُ رسولَه - صلى الله عليه وسلم - وحماه مما قاله المُبطِلون ورماه به المفترون، فقد كان أعفَّ الناس، وأنصَحَهم لله ولعباده، وأرفَعَهم قَدْرًا، وأشرَفَهم نَفْسًا، وأشدَّهم صبرًا، وأقوَمَهم بحق اللهِ وتبليغِ رسالته، وأخشاهم لله، وأتقاهم له، وأزهَدَهم في كلِّ ما يُلوِّث مقامَه العظيم، أو يَعُوقُه عن مُهمَّتِه في الجهاد والنُّصح والتبليغ، وإنما تزوَّج النساءَ كَسنَّةِ مَن قَبْلَه من المرسلين، كما قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38].

وفي تزوُّجِه - صلى الله عليه وسلم - بتسعٍ من النساء، حِكَمٌ كثيرة، وأسرارٌ بديعة، ومصالحٌ عظيمة.

منها: إعفافهن، والإحسان إليهن.

ومنها: أن يَتعلَّمْنَ منه - صلى الله عليه وسلم - أصولَ الشريعة وأحكامَها، ويُعلِّمْنَها الناسَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015