من ثمار الإيمان العظيمة تلك الطمأنينة والسكينة التي يسكبها في القلب، فتجده ساكنًا عند جريان الأحداث سكون الواثق بالله، المطمئن به - سبحانه - لذلك عندما ذهب عمار بن ياسر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بأنه تحت وطأة التعذيب والإيذاء أُكره على النيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر آلهة الكفار بخير، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه سأله: «فكيف تجد قلبك؟»، فقال عمار: أجد قلبي مطمئنًا بالإيمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإن عادوا فعد» (?).
وعندما أسرت الروم عبد الله بن حذافة السهمي فقال له الطاغية: تنصَّر وإلا ألقيتك في البقرة (وعاء من نحاس)، قال: ما أفعل .. فدعا بالبقرة النحاس فمُلئت زيتًا، وأُغليت، ودعا رجلًا من أسرى المسلمين فعُرض عليه النصرانية، فأبى، فألقاه في البقرة فإذا عظامه تلوح، وقال لعبد الله: تنصَّر وإلا ألقيتك، قال: ما أفعل، فأمر به أن يُلقى في البقرة فبكى، فقالوا: قد جزع، قد بكى. قال: ردوه، فقال عبد الله: لا ترى أني بكيت جزعًا مما تريد أن تصنع بي ولكني بكيت حيث ليس لي إلا نفس واحدة يُفعل بها هذا في الله، كنت أحب أن يكون لي من الأنفس عدد كل شعرة فيَّ، ثم تُسلَّط عليَّ فتفعل بي هذا، قال: فأعجب منه، وأحب أن يطلقه، فقال: قبِّل رأسي وأطلقك، قال: ما أفعل، قال: قبِّل رأسي وأطلقك وأطلق معك ثمانين من المسلمين، قال: أما هذه فنعم، فقبل رأسه وأطلقه وأطلق معه ثمانين من المسلمين، فلما قدِموا على عمر بن الخطاب قام إليه عمر فقبَّل رأسه، قال: فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمازحون عبد الله فيقولون: قبلت رأس علج، فيقول لهم: أُطلِق بتلك القبلة ثمانون من المسلمين (?).
كلمة أخيرة حول ثمار الإيمان
هذه - أخي القارئ - عشر ثمار للإيمان الحي عندما يتمكن من القلب، قد تعرَّفنا عليها وعشنا بعض أمثلتها العملية، وكما ذكرنا - سابقًا - بأن الهدف من هذا الطرح هو استثارة مشاعرنا، وتعميق شعورنا بالاحتياج الشديد للتربية الإيمانية.
ولكي يتأكد لدينا هذا الشعور علينا أن نتعرف على المزيد من الأمثلة العملية لهذه الثمار وغيرها، وذلك من خلال القراءة في الكتب التي تتحدث عن المعاني الإيمانية، وتربطها بالواقع العملي في جيل الصحابة.
ولعل من أنسب الكتب التي تحدثت عن جيل الصحابة بهذه الطريقة كتاب: «حياة الصحابة» لمحمد يوسف الكاندهلوي رحمه الله.