راكب، عليه ثياب بيض مثل اللبن، فقال: يا عباس بن مرداس، ألم تر أنّ السماء كُفَّتْ أحراسها، وأنّ الحرب جُرِّعت أنفاسها، ولأن الخيل وضعت أحلاسها، وأنّ الدين نزل بالبرّ والتقوى، يوم الاثنين ليلة الثلاثاء "مع" صاحب الناقة القصوى؟
قال: فرجعت مرعوباً، قد راعني ما رأيت وسمعت حتى جئت وثناً لنا يُدعى الضِّماد وكنَّا نعبده، ونُكلَّمُ من جوفه؛ فكنست ما حوله، ثم تمسَّحتُ به، وقبَّلتُهُ، فإذا صائحٌ من جوفه يقول "من الكامل":
قلْ للقبائل من سُلي كُلِّها ... هلكَ الضِّمادُ، وفازَ أَهلُ المسجدِ
هلكَ الضِّمادُ كان يُعبدُ مَرَّةً ... قبلَ الصَّلاةِ مع النبيّ محمدِ
إِنّ الذي جا بالنبوَّة والهدى ... بعدَ ابن مريمَ من قريشٍ مهتدِ
قال: فخرجت مرعوباً حتى أتيت قومي. فقصصت عليه القصة وأخبرتهم الخبر، وخرجت في ثلاثمئة من قومي من بني حارثة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو بالمدينة فدخلنا المسجد. فلمّا رآني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال لي: يا عباس، كيف كان إسلامك؟ فقصصت عليه القصة. قال: فسُرَّ بذلك، فأسلمت أنا وقومي.