وما جَرَّبنا عليه كذباً قط؛ وليعلمنّ محمدٌ إن جاءنا أنها الفيصل فيما بيننا وبينه.
قال: فبينما هم كذلك، إذ سمعوا من أعلى الجبل صوتاً وهو يقول "من البسيط":
شاهت وجوهُ رجالٍ حالفوا صَنَماً ... وخابَ سعيُهُم ما أَقصر الهِمَمَا
ما خيرَ في حجرٍ لا يستجيبُ لهم ... إِذا دَعَوا حولهُ وَلاَّهُمُ صَمَمَا
إِنّي قتلتُ عدوَّ الله سلفعةً ... شيطانَ أَوثانكم، سحقاً لمن ظَلَمَا
وقد أَتاكم رسول الله في نفرٍ ... وكلُّهم محرمٌ لا يسفكون دَمَا
حدثنا عليّ بن حرب، قال: سمعتُ أبا المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن عبد المجيد بن أبي عبس، عن أشياخه، قال: لمّا هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، خفي على قريش خبره، فبينا قريش في أنديتها حول البيت، إذا سمعوا صوتاً من أبي قبيس، يقول "من الطويل":
إِنْ يُسلم السَّعدان يصبحْ محمدٌ ... بمكةَ لا يخشى خلافَ المخالفِ
فقالت قريش: أي السعود؟ سعد هذيم؟ سعد تميم؟ سعد مَذحج؟ فلما كانت القابلة سمعوا في ذلك الموضع صوتاً يقول "من الطويل":