إلى نوع من النفاق والمداهنة والتزلف، فالحب في الله هو الذي يجعلك تحرص على اكتساب حب الناس لك؛ لما تطمح من إيصال خير إليهم على يديك، فالواجب على المؤمن: «أن يحب المرء لا يحبه إلا الله» (?)، وإذا تمت المحبة بهذه الصورة دلت على كمال الإيمان: «من أحب لله وأبغض لله، وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان» (?).

وقد وردت نصوص كثيرة تربط بين الإيمان وخلق التحابب، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم» (?)، ولعظم شأن نشر المحبة واكتسابها اقتضى الأمر أن يدل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى وسائلها وأسبابها، كما اقتضى قبل ذلك أن يجعل كمال الإيمان مرتبطًا بها.

ومن الصور الداعية إلى كسب الأصدقاء واستقطاب القلوب: الهدوء والسكينة، والوقار في المجالس، يروي أبو مسلم الخولاني أنه دخل مسجد حمص، فوجد شابًّا بين ثلاثين كهلًا من الصحابة (فإذا امترى القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه، فقلت لجليس لي: من هذا؟ قال: معاذ بن جبل فوقع له في نفسي حب ... ثم قلت: والله إني لأحبك، قال: فيم تحبني؟ قلت: في الله تبارك وتعالى، قال: أبشر إن كنت صادقًا، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء ..» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015