فيها مقالة: «سير. ت.و. أرنولد» في كتابه «الدعوة إلى الإسلام» في مطالع تفسير سورة آل عمران (?) ..

ونكتفي بهذا القدر في تصوير مجمل التصورات المنحرفة حول ألوهية المسيح والخلافات الدامية والعداوة والبغضاء التي ثارت بسببها بين الطوائف، وما تزال إلى اليوم ثائرة ..

وتجيء الرسالة الأخيرة لتقرر وجه الحق في هذه القضية ولتقول كلمة الفصل ويجيء الرسول الأخير ليبين لأهل الكتاب حقيقة العقيدة الصحيحة: «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ» .. «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا: إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ» .. (كما سيجيء في السورة).

ويثير فيهم منطق العقل والفطرة والواقع: «قُلْ: فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَأُمَّهُ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً؟».فيفرق تفرقة مطلقة بين ذات اللّه سبحانه وطبيعته ومشيئته وسلطانه، وبين ذات عيسى - عليه السلام - وذات أمه، وكل ذات أخرى، في نصاعة قاطعة حاسمة. فذات اللّه - سبحانه - واحدة. ومشيئته طليقة، وسلطانه متفرد، ولا يملك أحد شيئا في رد مشيئته أو دفع سلطانه إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا .. وهو - سبحانه - مالك كل شيء، وخالق كل شيء، والخالق غير المخلوق. وكل شيء مخلوق: «وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما، يَخْلُقُ ما يَشاءُ، وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ..

وكذلك تتجلى نصاعة العقيدة الإسلامية، ووضوحها وبساطتها .. وتزيد جلاء أمام ذلك الركام من الانحرافات والتصورات والأساطير والوثنيات المتلبسة بعقائد فريق من أهل الكتاب وتبرز الخاصية الأولى للعقيدة الإسلامية. في تقرير حقيقة الألوهية، وحقيقة العبودية، والفصل التام الحاسم بين الحقيقتين.

بلا غبش ولا شبهة ولا غموض .. واليهود والنصارى يقولون: إنهم أبناء اللّه وأحباؤه: «وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى: نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ» ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015