والقضاء والتعامل. ولم يبق مجال للأحكام السطحية والفروض الوهمية في عالم البحوث والتجارب والعلوم.
والأمانة العلمية التي يشيد بها الناس في العصر الحديث ليست سوى طرف من الأمانة العقلية القلبية التي يعلن القرآن تبعتها الكبرى، ويجعل الإنسان مسؤولا عن سمعه وبصره وفؤاده، أمام واهب السمع والبصر والفؤاد ..
إنها أمانة الجوارح والحواس والعقل والقلب. أمانة يسأل عنها صاحبها، وتسأل عنها الجوارح والحواس والعقل والقلب جميعا. أمانة يرتعش الوجدان لدقتها وجسامتها كلما نطق اللسان بكلمة، وكلما روى الإنسان رواية، وكلما أصدر حكما على شخص أو أمر أو حادثة.
«وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» .. ولا تتبع ما لم تعلمه علم اليقين، وما لم تتثبت من صحته: من قول يقال ورواية تروى. من ظاهرة تفسر أو واقعة تعلل. ومن حكم شرعي أو قضية اعتقادية.
وعَنِ الأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَأْثُرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا» (?) 0
وفي سنن أبي داود عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ لأَبِى عَبْدِ اللَّهِ أَوْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لأَبِى مَسْعُودٍ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى «زَعَمُوا».قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا».قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا حُذَيْفَةُ (?).
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُرِىَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ» (?).
وعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،يَقُولُ: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرْيَةِ ثَلاَثًا، أَنْ يَفْرِيَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ، وَلَمْ يَرَ شَيْئًا فِي الْمَنَامِ، أَوْ يَتَقَوَّلَ الرَّجُلُ عَلَى وَالِدَيْهِ، فَيُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يَقُولَ: سَمِعَ مِنِّي، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنِّي. (?)