الإسلام هو " أولاً " إقرار عقيدة:" لا إله إلا الله " - بمدلولها الحقيقي، وهو رد الحاكمية لله في أمرهم كله، وطرد المعتدين على سلطان الله بادعاء هذا الحق لأنفسهم، إقرارها في ضمائرهم وشعائرهم، وإقرارها في أوضاعهم وواقعهم ..
ولتكن هذه القضية هي أساس دعوة الناس إلى الإسلام، كانت هي أساس دعوتهم إلى الإسلام أول مرة .. هذه الدعوة التي تكفل بها القرآن المكي طوال ثلاثة عشر عاماً كاملة .. فإذا دخل في هذا الدين - بمفهومه هذا الأصيل - عصبة من الناس .. فهذه العصبة هي التي يطلق عليها إسم " المجتمع المسلم " .. المجتمع الذي يصلح لمزاولة النظام الإسلامي في حياته الاجتماعية، لأنه قرر بينه وبين نفسه أن تقوم حياته كلها على هذا الأساس، وألا يحكم في حياته كلها إلا الله.
وحين يقوم هذا المجتمع بالفعل يبدأ عرض أسس النظام الإسلامي عليه، كما يأخذ هذا المجتمع نفسه في سن التشريعات التي تقتضيها حياته الواقعية، في إطار الأسس العامة للنظام الإسلامي .. فهذا هو الترتيب الصحيح لخطوات المنهج الإسلامي .. فهذا هو الترتيب الصحيح لخطوات المنهج الإسلامي الواقعي العملي الجاد.ولقد يخيل لبعض المخلصين المتعجلين، ممن لا يتدبرون طبيعة هذا الدين، وطبيعة منهجه الرباني القويم، المؤسس على حكمة العليم الحكيم وعلمه بطبائع البشر وحاجات الحياة .. نقول: لقد يخيل لبعض هؤلاء أن عرض أسس النظام الإسلامي - بل التشريعات الإسلامية كذلك - على الناس، مما ييسر لهم طريق الدعوة، ويحبب الناس في هذا الدين!
وهذا وَهْمٌ تنشئه العجلة! وَهْمٌ كالذي كان يمكن أن يقترحه المقترحون: أن تقوم دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أولها تحت راية قومية، أو راية اجتماعية، أو راية أخلاقية، تيسيراً للطريق!
إن القلوب يجب أن تخلص أولاً لله، وتعلن عبوديتها له وحده، بقبول شرعه وحده، ورفض كل شرع آخر غيره .. من ناحية المبدأ .. قبل أن تخاطب بأي تفصيل عن ذلك الشرع يرغبها فيه!