وجه فى باب الإحسان .. ومن هنا كان مكروها على أي حال، إذ كان الغالب عليه هذا المتّجه المنكر ..

قوله تعالى: «وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً».الضمير فى «عنهم» يعود إلى المذكورين فى قوله تعالى: «وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ» .. والإعراض عنهم، هو الإمساك عن إعطاء الحق الذي هو لهم. والرحمة المرجوّة من اللّه: هى الرزق المنتظر من فضله سبحانه وتعالى ..

ومعنى الآية: إنك أيها الإنسان، إن أمسكت لضيق ذات يدك عن أن تؤدّى حق ذى القربى والمسكين وابن السبيل، منتظرا رزقا وسعة فى الرزق من اللّه .. فلا يمنعنّك هذا من أن تحسن إليهم بالكلمة الطيبة «فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً» .. أي طيبا ليّنا، فيه مسرّة لهم، وجبر لخاطرهم، وتيسير لمعسورهم، وفى الحديث: «الكلمة الطيبة صدقة» ..

قوله تعالى: «وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً». هو تحذير من الشحّ والبخل، وقد صوّر بهذه الصورة التي يبدو فيها البخيل الشحيح، وقد غلّت يده إلى عنقه، فلا ينتفع بها فى أي وجه من وجوه النفع، كما أنه لم يكن يوجهها بخير إلى أحد .. فهى يد معطلة، فكان شدّها إلى عنقه إعلانا عن صفتها التي أصبحت عليها .. وكما أن الشحّ مذموم، فكذلك السّرف مذموم .. كلاهما خروج عن حدّ الاعتدال، الذي هو ميزان العدل، والحكمة! والبخيل والمبذر، كلاهما ينتهى أمره إلى الندم والحسرة .. البخيل إذ لم ينتفع بما بين يديه من نعم اللّه .. والمبذر، إذ ضيّع هذه النعم، ولم يبق على شىء منها ..

قوله تعالى: «إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً» ..

بسط الرزق: سعته وكثرته .. وقدر الرزق: قلّته بالنسبة للرزق الكثير المبسوط ..

والمعنى: أن اللّه سبحانه وتعالى، هو الذي يرزق الناس، وهو سبحانه الذي يبسط الرزق ويوسعه لبعضهم، على حين يعطى منه بقدر لآخرين .. وهذا وذاك إنما هو بحساب وتقدير، وعن علم وحكمة .. «إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً» ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015