بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد عَظُمَتْ بركات الله، وكثرت خيراته، وكملت أوصافه سبحانه وتعالى الذي نزَّل القرآن الفارق بين الحق والباطل على عبده محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ليكون رسولا للإنس والجن، مخوِّفًا لهم من عذاب الله (?)،قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (1) سورة الفرقان.
فاللهُ تعالى يَهْدِي بِالقُرْآنِ، مَنْ أَرَادَ اتِّبَاعَ رِضَوَانَ رَبِّهِ، إلَى طَرِيقِ الجَنَّةِ وَالسَّلاَمَةِ، وَمَناهِجِ الاسْتِقَامَةِ، وَيُخْرَجَهُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الكُفْرِ وَالجَهْلِ وَالظُّلْمِ إلى نُورِ الإِيمَانِ وَالحَقِّ وَالعَدْلِ، بِإِذْنِ رَبِّهِ، وَيَهْدِيهِمْ إلى الطَّرِيقِ القَوِيمِ. (?)
وقال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (16) سورة المائدة
فهو يهدي للتي هي أقوم في عالم الضمير والشعور، بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لا تعقيد فيها ولا غموض، والتي تطلق الروح من أثقال الوهم والخرافة، وتطلق الطاقات البشرية الصالحة للعمل والبناء، وتربط بين نواميس الكون الطبيعية ونواميس الفطرة البشرية في تناسق واتساق.
ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه، وبين مشاعره وسلوكه، وبين عقيدته وعمله، فإذا هي كلها مشدودة إلى العروة الوثقى التي لا تنفصم، متطلعة إلى أعلى وهي مستقرة على الأرض، وإذا العمل عبادة متى توجه الإنسان به إلى اللّه، ولو كان هذا العمل متاعا واستمتاعا بالحياة مما أباحه الله.