الفجوة التي تفصل بين عالم الأحياء وعالم الجمادات. ولكن الواقع الذي ينبغي أن نسلم به هو أن جميع الجهود التي بذلت للحصول على المادة الحية من غير الحية، قد باءت بفشل وخذلان ذريعين. ومع ذلك فإن من ينكر وجود اللّه لا يستطيع أن يقيم الدليل المباشر للعالم المتطلع على أن مجرد تجمع الذرات والجزئيات عن طريق المصادفة، يمكن أن يؤدي إلى ظهور الحياة وصيانتها وتوجيهها بالصورة التي شاهدناها في الخلايا الحية. وللشخص مطلق الحرية في أن يقبل هذا التفسير لنشأة الحياة، فهذا شأنه وحده! ولكنه إذ يفعل ذلك، فإنما يسلم بأمر أشد إعجازا وصعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود اللّه، الذي خلق الأشياء ودبرها.
«إنني أعتقد أن كل خلية من الخلايا الحية قد بلغت من التعقد درجة يصعب علينا فهمها. وأن ملايين الملايين من الخلايا الحية الموجودة على سطح الأرض تشهد بقدرته شهادة تقوم على الفكر والمنطق. ولذلك فإنني أؤمن بوجود اللّه إيمانا راسخا» (?).
والذي يهمنا هنا من هذه الشهادة هو أن سر الحياة ونشأتها غيب من غيب اللّه، كنشأة الكون وحركته وأن ليس لدى البشر عن ذلك إلا الاحتمالات. وصدق اللّه العظيم: «ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ» ...
3 - ونخطو خطوة واسعة لنصل إلى الإنسان .. إن الدفقة الواحدة من ماء الرجل تحتوي على نحوستين مليونا من الحيوانات المنوية .. كلها تدخل في سباق لتلحق بالبويضة في رحم المرأة .. ولا يعلم أحد من الذي يسبق! فهو غيب، أو هو قدر غيبي لا علم للبشر به - بما فيهم الرجل والمرأة صاحبا الدور في هذا الأمر! - ثم يصل السابق من بين ستين مليونا! ويلتحم مع البويضة ليكوّنا معا خلية واحدة ملقحة هي التي ينتج منها الجنين.
ولما كانت كل كروموسومات البويضة مؤنثة، بينما كروموسومات الحيوان المنوي بعضها مذكر وبعضها مؤنث فإن غلبة عدد كروموسومات التذكير أو كروموسومات التأنيث في الحيوان المنوي الذي يلتحم بالبويضة، هو الذي يقرر مصير الجنين - ذكرا أو أنثى - وهذا