إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا ... مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا
مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا
حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَالْعِلْمُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَذْكُورٌ فِي الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ يُعْرَفُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ:
أَحَدُهَا: إِخْبَارُ مَنْ قَدْ ثَبَتَتْ نُبُوَّتُهُ قَطْعًا بِأَنَّهُ مَذْكُورٌ عِنْدَهُمْ فِي كُتُبِهِمْ، فَقَدْ أَخْبَرَ بِهِ مَنْ قَامَ الدَّلِيلُ الْقَطْعِيُّ عَلَى صِدْقِهِ فَيَجِبُ تَصْدِيقُهُ فِيهِ، إِذْ تَكْذِيبُهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، هَذَا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ مُجَرَّدِ خَبَرِهِ، فَكَيْفَ إِذَا تَطَابَقَتِ الْأَدِلَّةُ عَلَى صِحَّةِ مَا أَخْبَرَ بِهِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ جَعَلَ الْإِخْبَارَ بِهِ مِنْ أَعْظَمِ أَدِلَّةِ صِدْقِهِ وَصِفَةِ نُبُوَّتِهِ، وَهَذَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَصْدُرَ إِلَّا مِنْ وَاثِقٍ كُلَّ الْوُثُوقِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ جَازِمٍ بِهِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ الَّذِي آثَرُوا الْحَقَّ عَلَى الْبَاطِلِ صَدَّقُوهُ فِي ذَلِكَ وَشَهِدُوا لَهُ بِمَا قَالَ.