الْخَمْسُ مَجَامِعَ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهُمْ، وَلَعَنُوا مَنْ لَعَنُوهُ، وَبَيْنَ الْمَجْمَعِ الْخَامِسِ إِلَى هَذَا الْمَجْمَعِ مِائَةُ سَنَةٍ.
ثُمَّ كَانَ لَهُمْ مَجْمَعٌ عَاشِرٌ لَمَّا مَاتَ الْمَلِكُ وَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ وَاجْتَمَعَ فَرِيقُ الْمَجْمَعِ السَّادِسِ، وَزَعَمُوا أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ كَانَ عَلَى الْبَاطِلِ، فَجَمَعَ الْمَلِكُ مِائَةً وَثَلَاثِينَ أُسْقُفًّا فَثَبَّتُوا قَوْلَ الْمَجْمَعِ السَّادِسِ، وَلَعَنُوا مَنْ لَعَنَهُمْ وَخَالَفَهُمْ، وَثَبَّتُوا قَوْلَ الْمَجَامِعِ الْخَمْسَةِ، وَلَعَنُوا مَنْ لَعَنَهُمْ وَانْصَرَفُوا، فَانْقَرَضَتْ هَذِهِ الْمَجَامِعُ وَالْحُشُودُ وَهُمْ عُلَمَاءُ النَّصَارَى وَقُدَمَاؤُهُمْ، وَنَاقِلُوا الدِّينَ إِلَى الْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِلَيْهِمْ يَسْتَنِدُ مَنْ بَعْدِهِمْ.
وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْمَجَامِعُ الْعَشَرَةُ الْمَشْهُورَةُ عَلَى زُهَاءِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الْأَسَاقِفَةِ وَالْبَتَارِكَةِ وَالرُّهْبَانِ، كُلُّهُمْ يُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
فَدِينُهُمْ إِنَّمَا قَامَ عَلَى اللَّعْنَةِ بِشَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ لَاعِنٌ مَلْعُونٌ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ مَعَ قُرْبِ زَمَنِهِمْ مِنْ أَيَّامِ الْمَسِيحِ وَبَقَاءِ أَحْبَارِهِمْ فِيهِمْ، وَالدَّوْلَةُ دَوْلَتُهُمْ، وَالْكَلِمَةُ كَلِمَتُهُمْ، وَعُلَمَاؤُهُمْ إِذْ ذَاكَ أَوْفَرُ مَا كَانُوا، وَاحْتِفَالُهُمْ بِأَمْرِ دِينِهِمْ وَاهْتِمَامُهُمْ بِهِ كَمَا نَرَى، ثُمَّ هُمْ مَعَ ذَلِكَ تَائِهُونَ حَائِرُونَ بَيْنَ لَاعِنٍ وَمَلْعُونٍ، لَا يَثْبُتُ لَهُمْ قَدَمٌ، وَلَا يَتَحَصَّلُ لَهُمْ قَوْلٌ فِي مَعْرِفَةِ مَعْبُودِهِمْ، بَلْ كُلٌّ مِنْهُمْ قَدِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ، وَبَاحَ بِاللَّعْنِ وَالْبَرَاءَةِ مِمَّنِ اتَّبَعَ سِوَاهُ، فَمَا الظَّنُّ بِحَالَةِ الْمَاضِينَ، وَنُفَايَةِ الْغَابِرِينَ وَزُبَالَةِ