فَكَيْفَ تَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ؟ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِمِ الْخِزْيَ وَاللَّعْنَ، وَأَمَرَ الْمَلِكُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَجْمَعٌ يُلْعَنُونَ فِيهِ، وَاسْتَحْضَرَ بَتَارِكَةَ الْبِلَادِ، فَاجْتَمَعَ فِي هَذَا الْعَامِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ أُسْقُفًّا، فَلَعَنُوا أُسْقُفَّ مَنْبِجَ، وَأُسْقُفَّ الْمِصِّيصَةِ، وَثَبَّتُوا عَلَى أُسْقُفِّ الرُّهَا أَنَّ جَسَدَ الْمَسِيحِ حَقِيقَةٌ لَا خَيَالًا، وَأَنَّهُ إِلَهٌ تَامٌّ، وَإِنْسَانٌ تَامٌّ، مَعْرُوفٌ بِطَبِيعَتَيْنِ وَمَشِيئَتَيْنِ وَفِعْلَيْنِ، أُقْنُومٌ وَاحِدٌ، وَثَبَّتُوا الْمَجَامِعَ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي قَبْلَهُمْ وَبَعْدَ الْمَجْمَعِ الْخَلْقَدُونِيِّ، وَأَنَّ الدُّنْيَا زَائِلَةٌ، وَأَنَّ الْقِيَامَةَ كَائِنَةٌ، وَأَنَّ الْمَسِيحَ يَأْتِي بِمَجْدٍ عَظِيمٍ، فَيَدِينُ الْأَحْيَاءَ وَالْأَمْوَاتِ كَمَا كَانَ الثَّلَاثُمِائَةِ وَثَمَانِيَةُ عَشَرَ.
ثُمَّ كَانَ لَهُمْ مَجْمَعٌ تَاسِعٌ فِي أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ تَلَاعَنُوا فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بِرُومِيَّةَ رَاهِبٌ قِدِّيسٌ يُقَالُ لَهُ مَقْلِمُسُ وَلَهُ تِلْمِيذَانِ، فَجَاءَ إِلَى قِسْطَا الْوَالِي فَوَبَّخَهُ عَلَى قُبْحِ مَذْهَبِهِ وَشَنَاعَةِ كُفْرِهِ، فَأَمَرَ بِهِ قِسْطَا فَقُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَنُزِعَ لِسَانُهُ، وَفُعِلَ بِأَحَدِ التِّلْمِيذَيْنِ مِثْلَهُ، وَضَرَبَ الْآخَرَ بِالسِّيَاطِ وَنَفَاهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَيْهِ مِنْ أَفَاضِلِ الْأَسَاقِفَةِ، لِيَعْلَمَ وَجْهَ هَذِهِ الْحُجَّةِ، وَمِنَ الَّذِي كَانَ فِي ابْتِدَائِهَا لِكَيْ مَا يَطْرَحَ جَمِيعُ الْآبَاءِ الْقِدِّيسِينَ كُلَّ مَنِ اسْتَحَقَّ اللَّعْنَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ أُسْقُفًّا وَثَلَاثَ شَمَامِسَةٍ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى قُسْطَنْطِينِيَّةَ جَمَعَ الْمَلِكُ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَسِتِّينَ أُسْقُفًّا فَصَارُوا ثَلَاثَمِائَةً وَثَمَانِيَةً، وَأَسْقَطُوا الشَّمَامِسَةَ فِي الْبَرْطَحَةِ.
وَكَانَ رَئِيسُ هَذَا الْمَجْمَعِ بَتْرَكَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَبَتْرَكَ أَنْطَاكِيَةَ، وَلَمْ يَكُنْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ