الِابْنَ كُفْرًا، وَعِبَادَةُ الِابْنِ الْمَخْلُوقِ إِيمَانًا، وَذَلِكَ مِنْ أَقْبَحِ الْأَقَاوِيلِ، فَاسْتَحْسَنَ الْمَلِكُ وَكُلُّ مَنْ حَضَرَ مَقَالَةَ الْبَتْرَكِ، وَشَنَّعَ عِنْدَهُمْ مَقَالَةَ آرِيُوسَ، وَدَارَتْ بَيْنَهُمَا أَيْضًا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ، فَأَمَرَ قُسْطَنْطِينُ الْبَتْرَكَ أَنْ يُكَفِّرَ آرِيُوسَ وَكُلَّ مَنْ قَالَ بِمَقَالَتِهِ، فَقَالَ لَهُ: بَلْ يُوَجِّهُ الْمَلِكُ بِشَخْصِ الْبَتَارِكِ وَالْأَسَاقِفَةِ حَتَّى يَكُونَ لَنَا مَجْمَعٌ وَنَضَعُ فِيهِ قَضِيَّةً، وَيُكَفَّرَ آرِيُوسُ، وَنَشْرَحَ الدِّينَ، وَنُوَضِّحَهُ لِلنَّاسِ،
[المجمع الثاني
مجمع نيقية 325 م
وضع قانون الإيمان (بالأمانة) :]
فَبَعَثَ قُسْطَنْطِينُ الْمَلِكُ إِلَى جَمِيعِ الْبُلْدَانِ فَجَمَعَ الْبَتَارِكَةُ وَالْأَسَاقِفَةِ، فَاجْتَمَعَ فِي مَدِينَةِ نِيقِيَّةَ بَعْدَ سَنَةٍ وَشَهْرَيْنِ أَلْفَانِ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أُسْقُفًّا، فَكَانُوا مُخْتَلِفِي الْأَرَاءِ، مُخْتَلِفِي الْأَدْيَانِ.
فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْمَسِيحُ وَمَرْيَمُ إِلَهَانِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهُمُ الْمَرْيَمَانِيَّةُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْمَسِيحُ مِنَ الْأَبِ بِمَنْزِلَةِ شُعْلَةِ نَارٍ، تَعَلَّقَتْ مِنْ شُعْلَةِ نَارٍ، فَلَمْ تُنْقُصْ مِنَ الْأُولَى لِإِيقَادِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا.
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقُولُ: لَمْ تَحْبَلْ مَرْيَمُ تِسْعَةَ شُهُورٍ، وَإِنَّمَا مَرَّ نُورٌ فِي بَطْنِ مَرْيَمَ كَمَا يَمُرُّ الْمَاءُ فِي الْمِيزَابِ، لِأَنَّ كَلِمَةَ اللَّهِ دَخَلَتْ مِنْ أُذُنِهَا وَخَرَجَتْ مِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ الْوَلَدُ مِنْ سَاعَتِهَا، وَهَذِهِ مَقَالَةُ أَلْبَانَ وَأَشْيَاعِهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْمَسِيحَ إِنْسَانٌ خُلِقَ مِنَ اللَّاهُوتِ كَوَاحِدٍ مِنَّا فِي جَوْهَرِهِ، وَإِنِ ابْتَدَأَ الِابْنُ مِنْ مَرْيَمَ، وَأَنَّهُ اصْطُفِيَ لِيَكُونَ مُخَلِّصًا لِلْجَوْهَرِ الْإِنْسِيِّ صَحِبَتْهُ النِّعْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ، فَحَلَّتْ مِنْهُ بِالْمَحَبَّةِ وَالْمَشِيئَةِ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ ابْنُ اللَّهِ.