وَإِنْ جَعَلْتُمُوهُ إِلَهًا لِأَنَّهُ ادَّعَى ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ عَنْهُ، أَوْ يَكُونَ إِنَّمَا ادَّعَى الْعُبُودِيَّةَ وَالِافْتِقَارَ وَأَنَّهُ مَرْبُوبٌ وَمَصْنُوعٌ مَخْلُوقٌ، فَإِنْ كَمَا كَانَ كَمَا ادَّعَيْتُمْ عَلَيْهِ فَهَذَا أَخُو الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَا صَادِقٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا كَرِيمًا، وَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ.

وَكُلُّ مَنِ ادَّعَى الْإِلَهِيَّةَ مَنْ دُونِ اللَّهِ فَهُوَ مَنْ أَعْظَمِ أَعْدَاءِ اللَّهِ، كَفِرْعَوْنَ وَنَمْرُودَ وَأَمْثَالِهِمَا مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ، فَأَخْرَجْتُمُ الْمَسِيحَ عَنْ كَرَامَةِ اللَّهِ وَنُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ، وَجَعَلْتُمُوهُ أَعْظَمَ أَعْدَاءِ اللَّهِ، وَلِهَذَا كُنْتُمْ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمَسِيحِ فِي صُورَةِ مُحِبٍّ مُوَالٍ! وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُعْرَفُ بِهِ كَذِبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ أَنَّهُ يَدَّعِي الْإِلَهِيَّةَ فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ مَسِيحَ الْهُدَى ابْنَ مَرْيَمَ فَيَقْتُلُهُ، وَيُظْهِرُ لِلْخَلَائِقِ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا مُفْتَرِيًا، وَلَوْ كَانَ إِلَهًا لَمْ يُقْتَلْ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُصْلَبَ وَيُسَمَّرَ وَيُبْصَقَ فِي وَجْهِهِ!

وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ إِنَّمَا ادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ كَمَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَنَاجِيلُ كُلُّهَا وَدَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ وَشَهِدْتُمْ أَنْتُمْ لَهُ بِالْإِلَهِيَّةِ - وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ - فَلَمْ تَأْتُوا عَلَى إِلَهِيَّتِهِ بِبَيِّنَةٍ غَيْرِ تَكْذِيبِهِ فِي دَعْوَاهُ، وَقَدْ ذَكَرْتُمْ عَنْهُ فِي أَنَاجِيلِكُمْ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ مَا يُصَرِّحُ بِعُبُودِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ مَرْبُوبٌ مَخْلُوقٌ، وَأَنَّهُ ابْنُ الْبَشَرِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ غَيْرَ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، فَكَذَّبْتُمُوهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَصَدَّقْتُمْ مَنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَيْهِ!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015