وَدِينِهِ آخِرًا، وَأَنَّهُ عَدُوُّ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ، وَوَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتْبَاعِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا كَانَ أَوْلِيَاءَهُ الْأَرْجَاسُ وَالْأَنْجَاسُ عَبَدَةُ الصَّلِيبِ وَالصُّوَرِ الْمَدْهُونَةِ فِي الْحِيطَانِ، إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُوَحِّدُونَ عِبَادُ الرَّحْمَنِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، الَّذِينَ نَزَّهُوهُ وَأُمَّهُ عَمَّا رَمَاهُمَا بِهِ أَعْدَاؤُهُمَا الْيَهُودُ، وَنَزَّهُوا رَبَّهُ وَخَالِقَهُ وَمَالِكَهُ وَسَيِّدَهُ عَمَّا رَمَاهُ بِهِ أَهْلُ الشِّرْكِ وَالسَّبِّ لِلْوَاحِدِ الْمَعْبُودِ.

فَلْنَرْجِعْ إِلَى الْجَوَابِ عَلَى طَرِيقِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُمْ غَيَّرُوا أَلْفَاظَ الْكُتُبِ وَزَادُوا وَنَقَصُوا، كَمَا أَجَبْنَا عَلَى طَرِيقِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّمَا غَيَّرُوا بِبَعْضِ أَلْفَاظِهَا وَتَأَوَّلُوهَا غَيْرَ تَأْوِيلِهَا، قَالَ هَؤُلَاءِ: نَحْنُ لَا نَدَّعِي وَلَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَلْفَاظَ كُلِّ نُسْخَةٍ فِي الْعَالَمِ غُيِّرَتْ وَبُدِّلَتْ، بَلْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ غُيِّرَ بَعْضُ أَلْفَاظِهَا قَبْلَ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغُيِّرَتْ بَعْضُ النُّسَخِ بَعْدَ مَبْعَثِهِ، وَلَا يَقُولُونَ: إِنَّهُ غُيِّرَتْ كُلُّ نُسْخَةٍ فِي الْعَالَمِ بَعْدَ الْمَبْعَثِ، بَلْ غُيِّرَ الْبَعْضُ، وَظَهَرَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بَعْضُ النُّسَخِ الْمُبَدَّلَةِ الْمُغَيَّرَةِ دُونَ الَّتِي لَمْ تُبَدَّلْ، وَالنُّسَخُ الَّتِي تُبَدَّلُ مَوْجُودَةٌ فِي الْعَالَمِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ وَالْجَزْمُ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ نُسْخَةٍ فِي الْعَالَمِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ بِسَائِرِ الْأَلْسِنَةِ، وَمَنِ الَّذِي أَحَاطَ عِلْمًا أَوْ عَقْلًا؟ وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَحَدًا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّ التَّغْيِيرَ وَقَعَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ وَقَعَ أَوَّلًا مِنْ عِزْرَا الْوَرَّاقِ فِي التَّوْرَاةِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، إِمَّا عَمْدًا وَإِمَّا خَطَأً، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى عِصْمَتِهِ، وَلَا أَنَّ تِلْكَ الْفُصُولَ الَّتِي جَمَعَهَا مِنَ التَّوْرَاةِ بَعْدَ إِحْرَاقِهَا هِيَ عَيْنُ التَّوْرَاةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ فِيهَا مَا لَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَى اللَّهِ، وَأَنَّهُ أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَكَلِيمِهِ، وَتَرَكْنَا كَثِيرًا لَمْ نَذْكُرْهُ.

وَأَمَّا الْإِنْجِيلُ فَهُوَ أَرْبَعَةُ أَنَاجِيلَ، أُخِذَتْ عَنْ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ، اثْنَانِ مِنْهُمْ لَمْ يَرَيَا الْمَسِيحَ أَصْلًا، وَاثْنَانِ رَأَيَاهُ وَاجْتَمَعَا بِهِ وَهُمَا مَتَّى وَيُوحَنَّا، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015