أحد أمرين:
إما الإمساك بمعروف من غير قصد إضرار.
أو التسريح «1» بإحسان: أي تركها حتى تنقضي عدتها من غير مراجعة ضرار.
وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً كما كانت تفعل الجاهلية من طلاق المرأة حتى [يقرب] «2» انقضاء عدّتها، ثم مراجعتها لا عن حاجة ولا لمحبة، ولكن لقصد تطويل العدة وتوسيع مدة الانتظار ضرارا لقصد الاعتداء منكم عليهن والظلم لهنّ.
وأخرج ابن ماجة وابن جرير والبيهقي عن أبي موسى قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ما بال أقوام يلعبون بحدود الله!! يقول قد طلقتك، قد راجعتك، قد طلقتك، قد راجعتك!! ليس هذا طلاق المسلمين طلقوا المرأة في قبل عدّتها «3» .
[الآية الرابعة والأربعون] وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (232) .
الخطاب في هذه الآية بقوله: وَإِذا طَلَّقْتُمُ وبقوله: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ إما أن يكون للأزواج، ويكون معنى العضل منهم أن يمنعوهنّ من أن يتزوجنّ من أردن من الأزواج بعد انقضاء عدتهن لحمية الجاهلية، كما يقع كثيرا من الخلفاء والسلاطين غيرة على من كان تحتهم من النساء أن يصرن تحت غيرهم، لأنهم لما نالوه من رياسة الدنيا وما صاروا فيه من النخوة والكبرياء يتخيلون أنهم [قد] «4» خرجوا من جنس بني آدم إلا من عصمة الله منهم بالورع والتواضع وإما أن يكون الخطاب للأولياء، ويكون معنى إسناد الطلاق إليهم أنه سبب له لكونهم المزوجين للنساء المطلقات من الأزواج المطلقين لهن.