من المجتهدين إذ لا سبيل إلى حصر كل ما يظنّ أو يجوز فيه استنباط الأحكام من خفيّ معانيه، ولا طريق إلى ذلك إلا عدم الوجدان وهي من أضعف الطرق عند علماء البرهان.
وليس القصد إلا ذكر ما يدل على الأحكام دلالة واضحة، لتكون عناية طالب الأحكام به أكثر وإلا فليس يحسن من طالب العلم أن يهمل النظر في جميع كتاب الله تعالى مقدما للعناية فيه، شاملا للطائف معانيه، مستنبطا للأحكام والآداب من ظواهره وخوافيه، فإنه الأمان من الضلال، والعمود الأعظم في جميع الأحوال، والأنيس في الوحدة، والغوث في الشدّة، والنور في الظّلمة، والفرج للغمة، والشفاء للصدور، والفيصل عند اشتباه الأمور. فلا ينبغي أن يغفل عنه لحظة، ولا أن يزهد منه في لفظة.
وقد أفرد السيد الإمام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير- رحمه الله تعالى- فضائل القرآن والتنبيه على الاعتماد عليه في مصنف مفرد.
وها أنا أفسر تلك الآيات المشار إليها بتفسير وجيز جامع لما له وعليه، ولم آخذ فيها من الأقوال المختلفة إلا الأرجح، ومن الدلائل المتنوعة إلا الأصح الأصرح.
ولعمري لا يوجد قط تفسير موجز بهذا النمط.
وكانت بدايته في أول شهر صفر ونهايته فيه من حدود سنة سبع وثمانين ومائتين وألف الهجرية على صاحبها الصلاة والتحية. وسميته «نيل المرام من تفسير آيات الأحكام» .
وألفت بعد ذلك تفسيرا لمقاصد القرآن المسمى ب «فتح البيان» جامعا للرواية والدراية والاستنباط والأحكام. فإن كنت ممن يريد الصعود على معارج التحقيق، والقعود في محراب التدقيق، فعليك بذلك التفسير ولعلك لا تجد مثله في إخوانه إن شاء الله القدير.
والله سبحانه أسأل أن يجعل هذا المختصر خالصا لوجهه الكريم وينفع المسلمين بلطفه العميم.