. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْحَدِيثُ نَقَلَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي الْأَطْرَافِ وَتَبِعَهُ الْمِزِّيُّ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ صَحَّحَهُ وَاَلَّذِي فِي النُّسَخِ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَمْ يَرْتَفِعْ بِهِ إلَى الصِّحَّةِ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَفِي إسْنَادِهِ مِنْدَلٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكَذَلِكَ شَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ إحْدَى نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ. وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى الْمُوصِلِيِّ، وَفِي إسْنَادِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ، ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ. عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ. قَوْلُهُ: (أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ) تَسْمِيَةُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ بِالْأَسْوَدَيْنِ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ وَلَا يُسَمَّى بِالْأَسْوَدِ فِي الْأَصْلِ إلَّا الْحَيَّةُ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهِيَةٍ وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ كَرَاهَةَ ذَلِكَ مِنْهُمْ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ، وَكَذَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا لَمْ تَتَعَرَّضْ لَك فَلَا تَقْتُلْهَا
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَأَمَّا مَنْ قَتَلَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ هَمَّ بِقَتْلِهَا فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عُمَرَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ رَأَى رِيشَةً وَهُوَ يُصَلِّي فَحَسِبَ أَنَّهَا عَقْرَبٌ فَضَرَبَهَا بِنَعْلِهِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا وَقَالَ: فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ وَقَالَ: حَسِبْت أَنَّهَا عَقْرَبٌ وَمِنْ التَّابِعِينَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَعَطَاءٌ وَمُوَرِّقٌ الْعِجْلِيّ وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى
وَاسْتَدَلَّ الْمَانِعُونَ مِنْ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ إلَى حَدِّ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ كَالْهَادَوِيَّةِ وَالْكَارِهُونَ لَهُ كَالنَّخَعِيِّ بِحَدِيثِ «إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» الْمُتَقَدِّمِ، وَبِحَدِيثِ «اُسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ» عِنْدَ أَبِي دَاوُد. وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ خَاصٌّ فَلَا يُعَارِضُهُ مَا ذَكَرُوهُ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ فِعْلٍ كَثِيرٍ وَرَدَ الْإِذْنُ بِهِ كَحَدِيثِ حَمْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمَامَةَ. وَحَدِيثِ خَلْعِهِ لِلنَّعْلِ. وَحَدِيث صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ وَنُزُولِهِ لِلسُّجُودِ وَرُكُوعِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَحَدِيثِ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَرْءِ الْمَارِّ وَإِنْ أَفْضَى إلَى الْمُقَاتَلَةِ
وَحَدِيثِ مَشْيِهِ لِفَتْحِ الْبَابِ الْآتِي بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْمَنْعِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِضَرْبَةٍ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَفَاك لِلْحَيَّةِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْهَا أَمْ أَخْطَأَتْهَا» وَهَذَا يُوهِمُ التَّقْيِيدَ بِالضَّرْبَةِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا إنْ صَحَّ فَإِنَّمَا أَرَادَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وُقُوعَ الْكِفَايَةِ بِهَا فِي الْإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بِقَتْلِهَا وَأَرَادَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا امْتَنَعَتْ بِنَفْسِهَا عِنْدَ الْخَطَأِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْمَنْعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ
ثُمَّ اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: «مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً أَدْنَى مِنْ الْأُولَى،