بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الْحَصَى وَتَسْوِيَتِهِ
853 - (عَنْ مُعَيْقِيبٍ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ: إنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ) .
854 - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلَا يَمْسَحْ الْحَصَى» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى سَأَلْته عَنْ مَسْحِ الْحَصَى فَقَالَ: وَاحِدَةً أَوْ دَعْ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَرْبَعَةٍ مَشَايِخِهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَحْمَدَ بْنِ شَبُّويَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ لَفْظُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَاللَّفْظُ الثَّانِي لَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَلَفْظُ ابْنِ شَبُّويَةَ «نَهَى أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدِهِ» وَلَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ «نَهَى أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ إذَا نَهَضَ فِي الصَّلَاةِ» . وَقَدْ سَكَتَ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ عَنْ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثِ أُمِّ قَيْسٍ فَهُمَا صَالِحَانِ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، لَكِنَّ حَدِيثَ أُمِّ قَيْسٍ هُوَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَابِصِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَأَبُوهُ مَجْهُولٌ
وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ بِجَمِيعِ أَلْفَاظِهِ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْجُلُوسِ وَعِنْدَ النُّهُوضِ وَفِي مُطْلَقِ الصَّلَاةِ. وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَإِذَا كَانَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْيَدِ وَكَذَلِكَ فَعَلَى غَيْرِهَا بِالْأَوْلَى. وَحَدِيثُ أُمِّ قَيْسٍ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْعَمُودِ وَالْعَصَا وَنَحْوِهِمَا، لَكِنْ مُقَيَّدًا بِالْعُذْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْكِبَرُ وَكَثْرَةُ اللَّحْمِ. وَيَلْحَقُ بِهِمَا الضَّعْفُ وَالْمَرَضُ وَنَحْوُهُمَا فَيَكُونُ النَّهْيُ مَحْمُولًا عَلَى عَدَمِ الْعُذْرِ وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ فِي قِيَامِهِ إلَى أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى عَصًا أَوْ عُكَّازٍ أَوْ يَسْتَنِدَ إلَى حَائِطٍ أَوْ يَمِيلَ عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ
وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِاللُّزُومِ وَعَدَمِ جَوَازِ الْقُعُودِ مَعَ إمْكَانِ الْقِيَامِ مَعَ الِاعْتِمَادِ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي وَالْأَذْرَعِيُّ، وَكَذَا قَالَ بِاللُّزُومِ ابْنُ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيُّ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ الْقُعُودُ.