مَاجَهْ) .
595 - (وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: «قُلْت لِأُمِّ حَبِيبَةَ: هَلْ كَانَ يُصَلِّي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَذًى» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَبْوَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَوَاتِ] [بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْعَفْوِ عَمَّا لَا يُعْلَمُ بِهَا]
حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رِجَالُ إسْنَادِهِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ ثِقَاتٌ، وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ رِجَالُ إسْنَادِهِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى تَجَنُّبِ الْمُصَلِّي لِلثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ. وَهَلْ طَهَارَةُ ثَوْبِ الْمُصَلِّي شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّهَا شَرْطٌ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، وَنَقَلَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلَيْنِ.
أَحَدُهُمَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ. وَثَانِيهِمَا أَنَّهَا فَرْضٌ مَعَ الذِّكْرِ سَاقِطَةٌ مَعَ النِّسْيَانِ وَقَدِيمُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ غَيْرُ شَرْطٍ. احْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحُجَجٍ مِنْهَا. قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْمُرَادُ لِلصَّلَاةِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنْ لَا وُجُوبَ فِي غَيْرِهَا وَلَا يَخْفَاك أَنَّ غَايَةَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْآيَةِ الْوُجُوبُ عِنْدَ مَنْ جَعَلَ الْأَمْرَ حَقِيقَةً فِيهِ، وَالْوُجُوبُ لَا يَسْتَلْزِمُ الشَّرْطِيَّةَ لِأَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ شَرْطًا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَضْعِيٌّ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَصْرِيحِ الشَّارِعِ بِأَنَّهُ شَرْطٌ، أَوْ بِتَعْلِيقِ الْفِعْلِ بِهِ بِأَدَاةِ الشَّرْطِ، أَوْ بِنَفْيِ الْفِعْلِ بِدُونِهِ نَفْيًا مُتَوَجِّهًا إلَى الصِّحَّةِ لَا إلَى الْكَمَالِ أَوْ بِنَفْيِ الثَّمَرَةِ وَلَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِهِ.
وَقَدْ أَجَابَ صَاحِبُ ضَوْءِ النَّهَارِ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ بِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ، وَقَدْ حَمَلَهَا الْقَائِلُونَ بِالشَّرْطِيَّةِ عَلَى النَّدْبِ فِي الْجُمْلَةِ فَأَيْنَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ فِي الْمُقَيَّدِ وَهُوَ الصَّلَاةُ؟ وَفِيهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوهَا عَلَى النَّدْبِ بَلْ صَرَّحُوا بِأَنَّهَا مُقْتَضِيَةٌ لِلْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنَّهُ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَكَانَ صَارِفًا عَنْ اقْتِضَاءِ الْوُجُوبِ فِيمَا عَدَا الْمُقَيَّدِ. وَمِنْهَا حَدِيثُ خَلْعِ النَّعْلِ الَّذِي سَيَأْتِي، وَغَايَةُ مَا فِيهِ الْأَمْرُ بِمَسْحِ النَّعْلِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الشَّرْطِيَّةَ عَلَى أَنَّهُ بُنِيَ عَلَى مَا كَانَ قَدْ صَلَّى قَبْلَ الْخَلْعِ، وَلَوْ كَانَتْ طَهَارَةُ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا شَرْطًا لَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِئْنَافُ، لِأَنَّ الشَّرْطَ يُؤْثَرُ عَدَمُهُ فِي عَدَمِ الْمَشْرُوطِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ. وَمِنْهَا الْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي الْبَابِ. وَيُجَابُ عَنْهُمَا بِأَنَّ الثَّانِيَ فِعْلٌ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ فَضْلًا عَنْ الشَّرْطِيَّةِ، وَالْأَوَّلُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ.
سَلَّمْنَا أَنَّ قَوْلَهُ فَتَغْسِلَهُ خَبَرٌ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ فَهُوَ غَيْرُ صَالِحٍ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ. وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِيهِ: فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْكِسَاءَ فَلَبِسَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فِيهِ الْغَدَاةَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ لُمْعَةٌ مِنْ دَمٍ فِي الْكِسَاءِ فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا مَعَ مَا يَلِيهَا وَأَرْسَلَهَا