عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ بِالْفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ السِّبَاعِ وَالدَّوَابِّ، فَقَالَ: إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ، يَحْمِلْ الْخَبَثَ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَفِي لَفْظِ ابْنِ مَاجَهْ وَرِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: " لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ ") .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا. وَقَدْ احْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ وَاللَّفْظُ الْآخَرُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ " لَا يَنْجُسُ " وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ مَنْدَهْ: إسْنَادُ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ انْتَهَى. وَمَدَارُهُ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَهَذَا اضْطِرَابٌ فِي الْإِسْنَادِ.
وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا بِلَفْظِ «إذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَنْجُسْ» كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَبِلَفْظِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّةً فَإِنَّهُ لَا يَحْمِلُ الْخَبَثَ» كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَابْنِ عَدِيٍّ وَالْعُقَيْلِيِّ وَبِلَفْظِ " أَرْبَعِينَ قُلَّةً " عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَهَذَا اضْطِرَابٌ فِي الْمَتْنِ. وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ دَعْوَى الِاضْطِرَابِ فِي الْإِسْنَادِ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا مِنْ جَمِيعِ تِلْكَ الطُّرُقِ لَا يُعَدُّ اضْطِرَابًا؛ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ ثِقَةٍ إلَى ثِقَةٍ، قَالَ الْحَافِظُ: وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُكَبَّرِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُصَغَّرِ، وَمَنْ رَوَاهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ وَهِمَ. وَلَهُ طَرِيقٌ ثَالِثَةٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ جَوَّدَ إسْنَادَهَا ابْنُ مَعِينٍ.
وَعَنْ دَعْوَى الِاضْطِرَابِ فِي الْمَتْنِ بِأَنَّ رِوَايَةَ أَوْ ثَلَاثٍ شَاذَّةٌ وَرُوَاةُ أَرْبَعِينَ قُلَّةٍ مُضْطَرِبَةٌ وَقِيلَ: إنَّهُمَا مَوْضُوعَتَانِ ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ. وَرِوَايَةُ أَرْبَعِينَ ضَعَّفَهَا الدَّارَقُطْنِيّ بِالْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ؛ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلِأَنَّ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يُوقَفْ عَلَى حَقِيقَةِ مَبْلَغِهِمَا فِي أَثَرٍ ثَابِتٍ وَلَا إجْمَاعٍ، وَقَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ: حَدِيثٌ مَعْلُولٌ رَدَّهُ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَتَكَلَّمَ فِيهِ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِهِ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ الِاضْطِرَابِ. وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِقِلَالِ هَجَرَ فَلَمْ يَثْبُتْ مَرْفُوعًا إلَّا مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ صَقْلَابٍ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَالَ النُّفَيْلِيُّ: لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا عَلَى الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى عَامَّةِ حَدِيثِهِ وَلَكِنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ قَوَّوْا كَوْنَ الْمُرَادِ قِلَالَ هَجَرَ بِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ لَهَا فِي أَشْعَارِهِمْ،