. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى أَوْرَدَهَا أَبُو دَاوُد وَسَكَتَ عَنْهَا هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ قَوْلُهُ: (لَمْ يُسَمَّ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ إنَّمَا تَجِبُ فِيمَا كَانَ مِنْ النُّذُورِ غَيْرَ مُسَمَّى. قَالَ النَّوَوِيُّ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَحَمَلَهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ أَوْ الْكَفَّارَةِ، وَحَمَلَهُ مَالِكٌ وَكَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ عَلَى النَّذْرِ الْمُطْلَقِ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ نَذْرٌ وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ النَّذْرِ، وَقَالُوا: هُوَ مُخَيَّرٌ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمَنْذُورَاتِ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ انْتَهَى
وَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الْحَدِيثِ بِالنَّذْرِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ لِأَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاجِبٌ. وَأَمَّا النُّذُورُ الْمُسَمَّاةُ إنْ كَانَتْ طَاعَةً، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَقْدُورَةٍ فَفِيهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَقْدُورَةً وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْبَدَنِ أَوْ بِالْمَالِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْصِيَةً لَمْ يَجُزْ الْوَفَاءُ بِهَا وَلَا يَنْعَقِدُ، وَلَا يَلْزَمُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً مَقْدُورَةً فَالظَّاهِرُ الِانْعِقَادُ وَلُزُومُ الْكَفَّارَةِ لِوُقُوعِ الْأَمْرِ بِهَا فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ فِي قِصَّةِ النَّاذِرَةِ بِالْمَشْيِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَقْدُورَةٍ فَفِيهَا الْكَفَّارَةُ لِعُمُومِ " وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ " هَذَا خُلَاصَةُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نِهَايَةِ الْمُجْتَهِدِ مَا حَاصِلُهُ: إنَّهُ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى لُزُومِ النَّذْرِ بِالْمَالِ إذَا كَانَ فِي سَبِيلِ الْبِرِّ وَكَانَ عَلَى جِهَةِ الْخَيْرِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى جِهَةِ الشَّرِّ فَقَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُ كَالْخَيْرِ وَلَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ إذَا نَذَرَ بِجَمِيعِ مَالِهِ لَزِمَهُ ثُلُثُ مَالِهِ إذَا كَانَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لَزِمَهُ وَإِنْ كَانَ جَمِيعَ مَالِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيمَنْ نَذَرَ بِجَمِيعِ مَالِهِ. قَالَ: وَإِذَا كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا: أَيْ غَيْرَ مُسَمًّى فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ قَوْمٌ: فِيهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ. وَقَالَ قَوْمٌ: فِيهِ أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْ الْقُرْبِ صِيَامُ يَوْمٍ أَوْ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ قَوْلُهُ: (وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْذُورُ بِهِ طَاعَةً أَوْ مَعْصِيَةً أَوْ مُبَاحًا إذَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ إلَّا أَنَّهُ يَخُصُّ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ مَا كَانَ مَعْصِيَةً بِمَا تَقَدَّمَ، وَيَبْقَى مَا كَانَ طَاعَةً أَوْ مُبَاحًا، وَسَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا أَوْ عَادَةً قَوْلُهُ:
(وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَلَكِنَّهُ يَخُصُّ مِنْهُ نَذْرَ الْمَعْصِيَةِ بِمَا سَلَفَ، وَكَذَلِكَ نَذْرُ الْمُبَاحِ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَأَمَّا النَّذْرُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي عُمُومِ الطَّاقَةِ وَعَدَمِهَا؛ لِأَنَّ اتِّصَافَ النَّذْرِ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ فَرْعُ مَعْرِفَتِهِ وَمَا لَمْ يُسَمَّ لَمْ يَعْرِفْ قَوْلُهُ: (لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ) فِيهِ أَنَّ النَّذْرَ بِالْمَشْيِ وَلَوْ إلَى مَكَانِ الْمَشْيِ إلَيْهِ طَاعَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ بَلْ يَجُوزُ الرُّكُوبُ لِأَنَّ الْمَشْيَ نَفْسَهُ غَيْرُ طَاعَةٍ، إنَّمَا الطَّاعَةُ الْوُصُولُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ كَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ، وَلِهَذَا سَوَّغَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرُّكُوبَ لِلنَّاذِرَةِ بِالْمَشْيِ فَكَانَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى عَدَمِ لُزُومِ النَّذْرِ بِالْمَشْيِ وَإِنْ دَخَلَ تَحْتَ الطَّاقَةِ