3804 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟ فَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ، وَأَكَلَ مَعَهُمْ» ) .
3805 - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أَهْدَتْ بَرِيرَةُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَحْمًا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهَا، فَقَالَ: هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا) .
بَابُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ إدَامًا بِمَاذَا يَحْنَثُ
3806 - (عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «نِعْمَ الْأُدْمُ الْخَلُّ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ، وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَابْنِ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِثْلُهُ) .
3807 - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ائْتَدِمُوا بِالزَّيْتِ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ مَنْ حَلَفَ لَا يُهْدِي هَدِيَّةً فَتَصَدَّقَ]
قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ إيرَادِهِمَا هَهُنَا أَنَّ الْحَالِفَ بِأَنَّهُ لَا يَهْدِي لَا يَحْنَثُ إذَا تَصَدَّقَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْأَلُ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي يُقَرَّبُ إلَيْهِ هَلْ هُوَ صَدَقَةٌ أَوْ هَدِيَّةٌ؟ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي لَحْمِ بَرِيرَةَ " هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ " كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَغَايُرِ مَفْهُومَيْ الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ، فَإِذَا حَلَفَ مِنْ إحْدَاهُمَا لَمْ يَحْنَثْ بِالْأُخْرَى كَسَائِرِ الْمَفْهُومَاتِ الْمُتَغَايِرَةِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ.: إنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ لِأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَلِأَنَّ أَخْذَ الصَّدَقَةِ مَنْزِلَةُ ضِعَةٍ وَالْأَنْبِيَاءُ مُنَزَّهُونَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ {وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى} [الضحى: 8] وَالصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لِلْأَغْنِيَاءِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْهَدِيَّةِ، فَإِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِالْإِثَابَةِ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ كَانَ شَأْنُهُ.
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ إذَا قَبَضَهَا مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا ثُمَّ تَصَرَّفَ فِيهَا زَالَ عَنْهَا حُكْمُ الصَّدَقَةِ وَجَازَ لِمَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهَا إذَا أُهْدِيَتْ لَهُ أَوْ بِيعَتْ.