. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَجَذَبَهُ فَقَطَعَهُ ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتُّوَلَةَ شِرْكٌ» قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذِهِ التَّمَائِمُ وَالرُّقَى قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا التُّوَلَةُ؟ قَالَ: شَيْءٌ يَصْنَعُهُ النِّسَاءُ يَتَحَبَّبْنَ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ، يَعْنِي مِنْ السِّحْرِ. قِيلَ: هِيَ خَيْطٌ يُقْرَأُ فِيهِ مِنْ السِّحْرِ أَوْ قِرْطَاسٌ يُكْتَبُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُ يَتَحَبَّبُ بِهِ النِّسَاءُ إلَى قُلُوبِ الرِّجَالِ. أَوْ الرِّجَالُ إلَى قُلُوبِ النِّسَاءِ
فَأَمَّا مَا تَحَبَّبُ بِهِ الْمَرْأَةُ إلَى زَوْجِهَا مِنْ كَلَامِ مُبَاحٍ كَمَا يُسَمَّى الْغَنْجُ وَكَمَا تَلْبَسُهُ لِلزِّينَةِ أَوْ تُطْعِمُهُ مِنْ عَقَارٍ مُبَاحٍ أَكْلُهُ أَوْ أَجْزَاءِ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ مِمَّا يُعْتَقَدُ أَنَّهُ سَبَبٌ إلَى مَحَبَّةِ زَوْجِهَا لَهَا لِمَا أَوْدَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مِنْ الْخِصِّيصَةِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ لَا أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِذَاتِهِ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ لَا أَعْرِفُ الْآنَ مَا يَمْنَعُهُ فِي الشَّرْعِ. قَوْلُهُ: (شِرْكٌ) جَعَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ مِنْ الشِّرْكِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ) فِيهِ الدُّعَاءُ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ فِي التَّمَائِمِ وَعَلَّقَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِضِدِّ قَصْدِهِ وَهُوَ عَدَمُ التَّمَامِ لِمَا قَصَدَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ " فَإِنَّهُ دُعَاءٌ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَوَدَعَ مَاضِي يَدَعُ مِثْلُ وَذَرَ مَاضِي يَذَرُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مَا أَتَيْتَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالتَّاءُ الْأُولَى: أَيْ لَا أَكْثَرْتَ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرٍ دِينِيٍّ وَلَا أَهْتَمُّ بِمَا فَعَلَتْهُ إنْ أَنَا فَعَلْتُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَوْ شَيْئًا مِنْهَا، وَهَذِهِ مُبَالَغَةٌ عَظِيمَةٌ وَتَهْدِيدٌ شَدِيدٌ فِي فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ: أَيْ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا فَهُوَ غَيْرُ مُكْتَرِثٍ بِمَا يَفْعَلُهُ وَلَا يُبَالِي بِهِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ حَلَالٌ، وَهَذَا وَإِنْ أَضَافَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى نَفْسِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ إعْلَامُ غَيْرِهِ بِالْحُكْمِ. وَقَدْ سُئِلَ عَنْ تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ فَقَالَ: ذَلِكَ شِرْكٌ. قَوْلُهُ: (تِرْيَاقًا) بِالتَّاءِ أَوْ الدَّالِ أَوْ الطَّاءِ فِي أَوَّلِهِ مَكْسُورَاتٍ أَوْ مَضْمُومَاتٍ، فَهَذِهِ سِتُّ لُغَاتٍ أَرْجَحُهُنَّ بِمُثَنَّاةٍ مَكْسُورَةٍ رُومِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا كَانَ مُخْتَلِطًا بِلُحُومِ الْأَفَاعِي يُطْرَحُ مِنْهَا رَأْسُهَا وَأَذْنَابُهَا وَيُسْتَعْمَلُ أَوْسَاطُهَا فِي التِّرْيَاقِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ نَجَسٌ، وَإِنْ اُتُّخِذَ التِّرْيَاقُ مِنْ أَشْيَاءَ طَاهِرَةٍ فَهُوَ طَاهِرٌ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ.
وَرَخَّصَ مَالِكٌ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ لُحُومِ الْأَفَاعِي لِأَنَّهُ يَرَى إبَاحَةَ لُحُومِ الْحَيَّاتِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ التِّرْيَاقُ نَبَاتًا أَوْ حَجَرًا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ قُلْتُ الشِّعْرَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي) أَيْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِي فَخَرَجَ بِهِ مَا قَالَهُ لَا عَنْ نَفْسِهِ بَلْ حَاكِيًا لَهُ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ: " خَيْرُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ ". وَيَخْرُجُ مِنْهُ أَيْضًا مَا قَالَهُ لَا عَلَى قَصْدِ الشِّعْرِ فَجَاءَ مَوْزُونًا. قَوْلُهُ: (كَانَ لِلنَّبِيِّ خَاصَّةً) يَعْنِي وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأُمَّةِ فَالتَّمَائِمُ وَإِنْشَاءُ الشِّعْرِ غَيْرُ حَرَامٍ. قَوْلُهُ: (فِي الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ) أَيْ مِنْ إصَابَةِ الْعَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَالْحُمَةِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الْمُخَفَّفَةِ وَأَصْلُهَا حُمَوٌ أَوْ حُمَى بِوَزْنِ صُرَدٍ، وَالْهَاءُ فِيهِ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ أَوْ الْيَاءِ مِثْلُ سِمَةٍ مِنْ الْوَسْمِ، وَهَذَا عَلَى تَخْفِيفِ الْمِيمِ. أَمَّا مَنْ شَدَّدَ فَالْأَصْلُ عِنْدَهُ حُمَمَةُ ثُمَّ أُدْغِمَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ " الْعَالِمُ مِثْلُ الْحُمَّةِ " وَهِيَ عَيْنُ مَاءٍ حَارٍّ بِبِلَادِ الشَّامِّ يُسْتَشْفَى بِهَا الْمَرْضَى، وَأَنْكَرَ الْأَزْهَرِيُّ تَشْدِيدَ