. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرُّخْصَةُ لِسَعْدٍ لِبَيَانِ جَوَازِهِ حَيْثُ لَا يَقْدِرُ الرَّجُلُ أَنْ يُدَاوِيَ الْعِلَّةَ بِدَوَاءٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّهْيُ حَيْثُ يَقْدِرُ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يُدَاوِيَ الْعِلَّةَ بِدَوَاءٍ آخَرَ لِأَنَّ الْكَيَّ فِيهِ تَعْذِيبٌ بِالنَّارِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ النَّارِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلِأَنَّ الْكَيَّ يَبْقَى مِنْهُ أَثَرٌ فَاحِشٌ، وَهَذَانِ نَوْعَانِ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَيِّ الْأَرْبَعَةِ وَهُمَا النَّهْيُ عَنْ الْفِعْلِ وَجَوَازُهُ، وَالثَّالِثُ: الثَّنَاءُ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ كَحَدِيثِ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَالرَّابِعُ: عَدَمُ مَحَبَّتِهِ كَحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ " وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ " فَعَدَمُ مَحَبَّتِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ فِعْلِهِ، وَالثَّنَاءُ عَلَى تَرْكِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنْ تَرْكَهُ أَوْلَى، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَمْزَةَ: عُلِمَ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِ فِي الْكَيِّ أَنَّ فِيهِ نَفْعًا وَأَنَّ فِيهِ مَضَرَّةً فَلَمَّا نَهَى عَنْهُ عُلِمَ أَنَّ جَانِبَ الْمَضَرَّةِ فِيهِ أَغْلِبُ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ إخْبَارُ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ فِي الْخَمْرِ مَنَافِعَ ثُمَّ حَرَّمَهَا؛ لِأَنَّ الْمَضَارَّ الَّتِي فِيهَا أَعْظَمُ مِنْ الْمَنَافِعِ انْتَهَى مُلَخَّصًا قَوْلُهُ: (مِنْ الشَّوْكَةِ) هِيَ دَاءٌ مَعْرُوفٌ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هِيَ حُمْرَةٌ تَعْلُو الْوَجْهَ وَالْجَسَدَ يُقَالُ مِنْهُ شِيكَ فَهُوَ مُشَوَّكٌ، وَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَ، فِي جِسْمِهِ شَوْكَةٌ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ " وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ " أَيْ إذَا شَاكَتْهُ شَوْكَةٌ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِقَاشِهَا وَهُوَ إخْرَاجُهَا بِالْمِنْقَاشِ.
قَوْلُهُ: (فَقَدْ بَرِئَ مِنْ التَّوَكُّلِ) قَالَ فِي الْهَدْيِ: أَحَادِيثُ الْكَيِّ الَّتِي فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ تَضَمَّنَتْ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: فِعْلُهُ، ثَانِيهَا: عَدَمُ مَحَبَّتِهِ، ثَالِثُهَا: الثَّنَاءُ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، رَابِعُهَا: النَّهْيُ عَنْهُ، وَلَا تَعَارُضَ فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ فَإِنَّ فِعْلَهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ وَعَدَمِ مَحَبَّتِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ، وَالثَّنَاءُ عَلَى تَارِكِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ وَالنَّهْيُ عَنْهُ إمَّا عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ مِنْ دُونِ عِلَّةٍ أَوْ عَنْ النَّوْعِ الَّذِي يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى كَيٍّ انْتَهَى. وَقِيلَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الِاكْتِوَاءُ ابْتِدَاءً قَبْلَ حُدُوثِ الْعِلَّةِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْأَعَاجِمُ، وَالْمُبَاحُ هُوَ الِاكْتِوَاءُ بَعْدَ حُدُوثِ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْعَسَلُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَأَسْمَاؤُهُ تَزِيدُ عَلَى الْمِائَةِ.
وَفِيهِ مِنْ الْمَنَافِعِ مَا لَخَّصَهُ الْمُوَفَّقُ الْبَغْدَادِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَالُوا: يُجْلِي الْأَوْسَاخَ الَّتِي فِي الْعُرُوقِ وَالْأَمْعَاءِ وَيَدْفَعُ الْفَضَلَاتِ وَيَغْسِلُ الْمَعِدَةَ وَيُسَخِّنُهَا تَسْخِينًا مُعْتَدِلًا وَيَفْتَحُ أَفْوَاهَ الْعُرُوقِ وَيَشُدُّ الْمَعِدَةَ وَالْكَبِدَ وَالْكُلَى وَالْمَثَانَةَ، وَفِيهِ تَحْلِيلٌ لِلرُّطُوبَاتِ أَكْلًا وَطِلَاءً وَتَغْذِيَةً، وَفِيهِ حِفْظٌ لِلْمَعْجُونَاتِ وَإِذْهَابٌ لِكَيْفِيَّةِ الْأَدْوِيَةِ الْمُسْتَكْرَهَةِ وَتَنْقِيَةٌ لِلْكَبِدِ وَالصَّدْرِ وَإِدْرَارُ الْبَوْلِ وَالطَّمْثِ، وَيَنْفَعُ لِلسُّعَالِ الْكَائِنِ مِنْ الْبَلْغَمِ وَالْأَمْزِجَةِ الْبَارِدَةِ، وَإِذَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْخَلُّ نَفَعَ أَصْحَابَ الصَّفْرَاءِ. ثُمَّ هُوَ غِذَاءٌ مِنْ الْأَغْذِيَةِ وَدَوَاءٌ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَشَرَابٌ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَحُلْوٌ مِنْ الْحَلَاوَاتِ وَطِلَاءٌ مِنْ الْأَطْلِيَةِ وَمُفْرِحٌ مِنْ الْمُفْرِحَاتِ. وَمِنْ مَنَافِعِهِ أَنَّهُ إذَا شُرِبَ حَارًّا بِدُهْنِ الْوَرْدِ نَفَعَ مِنْ نَهْشِ الْحَيَوَانِ، وَإِذَا شُرِبَ وَحْدُهُ بِمَاءٍ نَفَعَ مِنْ عَضَّةِ