. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَاقِبَتُهُ مِنْ أَذًى وَيُقَوِّي عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ اسْتِغْفَارِ الْقَصْعَةِ قَرِيبًا وَهُوَ صَالِحٌ لِلتَّعْلِيلِ بِهِ قَوْلُهُ: (ضِفْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ ضَافَ يَضِيفُ مِثْلُ بَاعَ يَبِيعُ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: ضِفْتُ الرَّجُلَ: إذَا نَزَلْتُ بِهِ فِي ضِيَافَتِهِ. وَقَالَ فِي الضِّيَاءِ: إذَا تَعَرَّضَ بِهِ لِيُضِيفَهُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَأَضَفْتُهُ إذَا أَنْزَلْتُهُ، وَتَضَيَّفْتُهُ إذَا نَزَلْتُ بِهِ قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَعَلَ يَحْتَزُّ لِي بِهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَقْطَعُوا اللَّحْمَ بِالسِّكِّينِ فَإِنَّهُ مِنْ صُنْعِ الْأَعَاجِمِ، وَانْهَشُوهُ فَإِنَّهُ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ» . وَيُؤَيِّدُ حَدِيثَ الْبَابِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ أَنَّهُ «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَدُعِيَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَلْقَى السِّكِّينَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ الْمَذْكُورَ فِي إسْنَادِهِ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيَّ الْمَدَنِيُّ وَاسْمُهُ نَجِيحٌ، كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لَا يُحَدِّثُ عَنْهُ وَيَسْتَضْعِفُهُ جِدَّا وَيَضْحَكُ إذَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: أَبُو مَعْشَرٍ لَهُ أَحَادِيثُ مَنَاكِيرُ مِنْهَا هَذَا. وَمِنْهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ " وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: صَدُوقٌ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَحَدِيثُ عَائِشَةَ لَا يُعَادِلُ مَا عَارَضَهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ وَحَدِيثِ الْبَابِ. وَيُرْوَى عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَقَالَ: لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ قُرْصًا. . . إلَخْ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ عَلَى الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ قَوْلُهُ: (هَلْ مِنْ أُدُمٍ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْإِدَامُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: مَا يُؤْتَدَمُ بِهِ، يُقَالُ أَدَّمَ الْخُبْزَ يَأْدِمُهُ بِكَسْرِ الدَّالِ، وَجَمْعُ الْإِدَامِ أُدُمٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ كَإِهَابٍ وَأُهُبٍ وَكِتَابِ وَكُتُبِ، وَالْأُدْمُ بِإِسْكَانِ الدَّالِ مُفْرَدٌ كَالْإِدَامِ، كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ. قَالَ الْخَطَّابِيِّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ: مَعْنَى الْحَدِيثِ مَدْحُ الِاقْتِصَارِ فِي الْمَأْكَلِ وَمَنْعُ النَّفْسِ عَنْ مَلَاذِ الْأَطْعِمَةِ تَقْدِيرُهُ ائْتَدِمُوا بِالْخَلِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا تَخِفُّ مُؤْنَتُهُ وَلَا يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَلَا تَتَأَنَّقُوا فِي الشَّهَوَاتِ فَإِنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِلدِّينِ مُسْقِمَةٌ لِلْبَدَنِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّوَابُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِهِ أَنَّهُ مَدْحٌ لِلْخَلِّ نَفْسِهِ. وَأَمَّا الِاقْتِصَارُ فِي الْمَطْعَمِ وَتَرْكِ الشَّهَوَاتِ فَمَعْلُومٌ مِنْ قَوَاعِدَ أُخَرَ. قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ جَابِرٍ: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَهُوَ كَقَوْلِ أَنَسٍ: مَا زِلْتُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَدْحٌ لِلْخَلِّ نَفْسِهِ، وَقَدْ كَرَّرْنَا مَرَّاتٍ أَنَّ تَأْوِيلَ الرَّاوِي إذَا لَمْ يُخَالِفْ الظَّاهِرَ يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَالْعَمَلُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ وَهَذَا كَذَلِكَ، بَلْ تَأْوِيلُ الرَّاوِي هُنَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَيَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُهُ اهـ.
وَقِيلَ وَهُوَ الصَّوَابُ: إنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَفْضِيلٌ عَلَى اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَالْمَرَقِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَدْحٌ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي حَضَرَ فِيهَا، وَلَوْ حَضَرَ لَحْمٌ أَوْ لَبَنٌ لَكَانَ أَوْلَى بِالْمَدْحِ مِنْهُ.