. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى قَيْنَةٍ يَسْمَعُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ» . وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا يَتَغَنَّى مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا صَلَاةَ لَهُ، لَا صَلَاةَ لَهُ، لَا صَلَاةَ لَهُ» .
وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي مَعْصِيَةٌ وَالْجُلُوسُ عَلَيْهَا فِسْقٌ وَالتَّلَذُّذُ بِهَا كُفْرٌ» وَرَوَى ابْنُ غِيلَانَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «بُعِثْتُ بِكَسْرِ الْمَزَامِيرِ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَسْبُ الْمُغَنِّي وَالْمُغَنِّيَةِ حَرَامٌ» وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «ثَمَنُ الْقَيْنَةِ سُحْتٌ وَغِنَاؤُهَا حَرَامٌ» وَأَخْرَجَ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ضَرْبِ الدُّفِّ وَالطَّبْلِ وَصَوْتِ الزَّمَّارَةِ» .
وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ. وَقَدْ وَضَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ وَلَكِنَّهُ ضَعَّفَهَا جَمِيعًا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّهُ لَا يَصِحّ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ أَبَدًا، وَكُلُّ مَا فِيهِ فَمَوْضُوعٌ. وَزَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي عَامِرٍ أَوْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مُنْقَطِعٌ فِيمَا بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَهِشَامٍ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى تَضْعِيفِ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ سَيَأْتِي قَرِيبًا. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ، يَعْنِي فِي دَعْوَى الِانْقِطَاعِ مِنْ وُجُوهٍ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مَعْرُوفُ الِاتِّصَالِ بِشَرْطِ الصَّحِيحِ، وَالْبُخَارِيُّ قَدْ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَدْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَشْفِي.
قَوْلُهُ: (الْكَبَارَاتِ) جَمْعُ الْكِبَارِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِي مَادَّةِ ك ب ر: وَالطَّبْلُ جَمْعُ الْكِبَارِ وَأَكْبَارِ انْتَهَى. وَالْبَرْبَطُ: الْعُودُ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْبَرْبَطُ كَجَعْفَرٍ مُعَرَّبٍ بَرْبَطٍ: أَيْ صَدْرُ الْإِوَزِّ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ انْتَهَى. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْغِنَاءِ مَعَ آلَةٍ مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَبِدُونِهَا. فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى التَّحْرِيمِ مُسْتَدِلِّينَ بِمَا سَلَفَ. وَذَهَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الظَّاهِرِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصُّوفِيَّةِ إلَى التَّرْخِيصِ فِي السَّمَاعِ وَلَوْ مَعَ الْعُودِ وَالْيَرَاعِ. وَقَدْ حَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي مُؤَلَّفِهِ فِي السَّمَاعِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ كَانَ لَا يَرَى بِالْغِنَاءِ بَأْسًا وَيَصُوغُ الْأَلْحَانَ لِجَوَارِيهِ وَيَسْمَعُهَا مِنْهُنَّ عَلَى أَوْتَارِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ وَحَكَى الْأُسْتَاذُ الْمَذْكُورُ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ الْقَاضِي شُرَيْحٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ وَابْنُ أَبِي الدَّمِ: نَقَلَ الْإِثْبَاتَ مِنْ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ لَهُ جِوَارٍ عَوَّادَاتٍ، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ دَخَلَ عَلَيْهِ وَإِلَى جَنْبِهِ عُودٌ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَاوَلَهُ إيَّاهُ، فَتَأَمَّلَهُ ابْنُ عُمَرَ فَقَالَ: هَذَا مِيزَانٌ شَامِيٌّ، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: يُوزَنُ بِهِ الْعُقُولُ
وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي رِسَالَتِهِ فِي السَّمَاعِ بِسَنَدِهِ إلَى ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: إنَّ رَجُلًا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِجَوَارٍ فَنَزَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَفِيهِنَّ جَارِيَةٌ تَضْرِبُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَسَاوَمَهُ فَلَمْ يَهْوَ مِنْهُنَّ شَيْئًا، قَالَ: انْطَلِقْ إلَى رَجُلٍ هُوَ أَمْثَلُ لَكَ بَيْعًا مِنْ هَذَا؟ قَالَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَعَرَضَهُنَّ عَلَيْهِ،