. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَتِيقًا مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اصْبِرِي حَتَّى يَجِيءَ فَيْءُ بَنِي الْعَنْبَرِ غَدًا، فَجَاءَ فَيْءُ بَنِي الْعَنْبَرِ فَقَالَ: خُذِي مِنْهُمْ أَرْبَعَةً» الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ) أَيْ أَخَّرْت قَسْمَ السَّبْيَ لِتَحْضُرُوا فَأَبْطَأْتُمْ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ تَرَكَ السَّبْيَ بِغَيْرِ قِسْمَةٍ وَتَوَجَّهَ إلَى الطَّائِفِ فَحَاصَرَهَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا إلَى الْجِعْرَانَةِ ثُمَّ قَسَمَ الْغَنَائِمَ هُنَاكَ فَجَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ بَعْدَ ذَلِكَ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ انْتَظَرَهُمْ، وَقَوْلُهُ: " بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً " بَيَانٌ لِمُدَّةِ الِانْتِظَارِ، قَوْلُهُ: (قَفَلَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْفَاءِ: أَيْ رَجَعَ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ وَفْدَ هَوَازِنَ كَانُوا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ بَيْتًا فِيهِمْ الزِّبْرِقَانُ السَّعْدِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ فِي هَذِهِ الْحَظَائِرِ إلَّا أُمَّهَاتَكَ وَخَالَاتَكَ وَحَوَاضِنَكَ وَمُرْضِعَاتِكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ قَوْلُهُ: (أَنْ يُطَيِّبَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ: أَيْ يُعْطِي ذَلِكَ عَلَى طِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، قَوْلُهُ: (عَلَى حَظِّهِ) أَيْ بِرَدِّ السَّبْيِ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطَى عِوَضَهُ.
قَوْلُهُ: (يَفِيءَ اللَّهُ عَلَيْنَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثُمَّ فَاءٌ مَكْسُورَةٌ وَهَمْزَةٌ بَعْدَ التَّحْتَانِيَّةِ السَّاكِنَةِ: أَيْ يَرْجِعَ إلَيْنَا مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ مِنْ خَرَاجٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُرِدْ الْفَيْءَ الِاصْطِلَاحِيَّ وَحْدَهُ قَوْلُهُ: (عُرَفَاؤُكُمْ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ عَرِيفٍ بِوَزْنِ عَظِيمٍ، وَهُوَ الْقَائِمُ بِأَمْرِ طَائِفَةٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ عُرِفَتْ بِالضَّمِّ وَبِالْفَتْحِ عَلَى الْقَوْمِ عَرَّافَةً فَأَنَا عَارِفٌ وَعَرِيفٍ، وَلِيتُ أَمْرَ سِيَاسَتِهِمْ وَحِفْظَ أُمُورِهِمْ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ يَتَعَرَّفُ أُمُورَهُمْ قَوْلُهُ: (فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا) نِسْبَةُ التَّطَيُّبِ وَالْإِذْنِ إلَى الْجَمِيعِ حَقِيقَةٌ، لَكِنَّ سَبَبَ ذَلِكَ مُخْتَلِفٌ، فَالْأَغْلَبُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ طَابَتْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَرُدُّوا السَّبْيَ لِأَهْلِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَبَعْضُهُمْ رَدَّهُ بِشَرْطِ التَّعْوِيضِ، وَمَعْنَى طَيَّبُوا حَمَلُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى تَرْكِ السَّبَايَا حَتَّى طَابَتْ بِذَلِكَ.
يُقَالُ: طَيَّبْتُ نَفْسِي بِكَذَا: إذَا حَمَلْتُهَا عَلَى السَّمَاحِ بِهِ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَطَابَتْ بِذَلِكَ، وَيُقَالُ طَيَّبْتُ نَفْسَ فُلَانٍ: إذَا كَلَّمْتُهُ بِمَا يُوَافِقُهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ بَعْضَهُمْ رَدَّهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعِوَضَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِمَا فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ بِلَفْظِ «فَأَعْطَى النَّاسَ مَا بِأَيْدِيهِمْ إلَّا قَلِيلًا مِنْ النَّاسِ سَأَلُوا الْفِدَاءَ» وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ " فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَتْ الْأَنْصَارُ كَذَلِكَ، وَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا وَقَالَ عُيَيْنَةُ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو فَزَارَةَ فَلَا، وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: بَلَى مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَمَسَّكَ مِنْكُمْ بِحَقِّهِ فَلَهُ بِكُلِّ إنْسَانٍ سِتُّ فَرَائِضَ مِنْ أَوَّلِ فَيْءٍ نُصِيبُهُ، فَرَدُّوا إلَى النَّاسِ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ» قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ إقَامَةِ الْعُرَفَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُبَاشِرَ جَمِيعَ الْأُمُورِ بِنَفْسِهِ، فَيَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ مِنْ يُعَاوِنُهُ لِيَكْفِيَهُ مَا يُقِيمُهُ فِيهِ، قَالَ: وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ إذَا تَوَجَّهَ إلَى الْجَمِيعِ يَقَعُ التَّوَاكُلُ فِيهِ مِنْ بَعْضِهِمْ، فَرُبَّمَا وَقَعَ التَّفْرِيطُ