7 - (وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ حَدَّثَتْنِي الرُّبَيِّعِ بِنْتُ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ فَذَكَرَ حَدِيثَ وُضُوءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ: «وَمَسَحَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ وَضُوئِهِ فِي يَدِهِ مَرَّتَيْنِ، بَدَأَ بِمُؤَخِّرِهِ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى نَاصِيَتِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مُخْتَصَرًا وَلَفْظُهُ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ رَأْسَهُ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ كَانَ بِيَدَيْهِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ صَدُوقٌ، وَلَكِنْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْحُمَيْدِيُّ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِهِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِلَفْظِ: «اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَفْنَةٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَتَوَضَّأَ مِنْهَا أَوْ يَغْتَسِلَ فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت جُنُبًا فَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ» ، وَأَيْضًا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ التَّوَضُّؤِ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ فِيهِ مَقَالٌ سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ، وَعَنْ الِاحْتِجَاجِ بِتَكْمِيلِ السَّلَفِ لِلطَّهَارَةِ بِالتَّيَمُّمِ لَا بِمَا تَسَاقَطَ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً إلَّا بَعْدَ تَصْحِيحِ النَّقْلِ عَنْ جَمِيعِهِمْ، وَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِطَهُورِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلِ مِنْهُمْ كَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَنَسَبَهُ ابْنُ حَزْمٍ إلَى عَطَاءٍ وَسُفْيَانِ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَجَمِيعِ أَهْلِ الظَّاهِرِ، وَبِأَنَّ الْمُتَسَاقِطَ قَدْ فَنِيَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَتَوَضَّئُونَ إلَى إنَاءٍ، وَالْمُلْتَصِقُ بِالْأَعْضَاءِ حَقِيرٌ لَا يَكْفِي بَعْضَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَبِأَنَّ سَبَبَ التَّرْكِ بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ عَنْ السَّلَفِ وَإِمْكَانَ الِانْتِفَاعِ بِالْبَقِيَّةِ هُوَ الِاسْتِقْذَارُ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ عَدَمُ خُرُوجِ الْمُسْتَعْمَلِ عَنْ الطَّهُورِيَّةِ، وَتَحَتَّمَ الْبَقَاءُ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَا سِيَّمَا بَعْدَ اعْتِضَادِهَا بِكُلِّيَّاتٍ وَجُزْئِيَّاتٍ مِنْ الْأَدِلَّةِ كَحَدِيثِ: «خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا» وَحَدِيثِ «مَسْحِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ بِفَضْلِ مَاءٍ كَانَ بِيَدِهِ» وَسَيَأْتِي وَغَيْرِهِمَا.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى عَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلِ لِلطَّهُورِيَّةِ فَقَالَ: وَهَذَا النَّهْيُ عَنْ الْغُسْلِ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يُجْزِي وَمَا ذَاكَ إلَّا لِصَيْرُورَتِهِ مُسْتَعْمَلًا بِأَوَّلِ جُزْءٍ يُلَاقِيهِ مِنْ الْمُغْتَسِلِ فِيهِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الَّذِي لَا يَحْمِلُ النَّجَاسَةَ، أَمَّا مَا يَحْمِلُهَا فَالْغُسْلُ فِيهِ مُجْزِئٌ، فَالْحَدَثُ لَا يَتَعَدَّى إلَيْهِ حُكْمُهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى انْتَهَى.
الْخِلَافُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَقِيلٍ مَشْهُورٌ وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَالْكَلَامُ عَلَى أَطْرَافِ هَذَا الْحَدِيثِ مَحَلُّهُ الْوُضُوءُ. وَمَحَلُّ الْحُجَّةِ مِنْهُ مَسَحَ رَأْسَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ وَضُوءٍ فِي يَدِهِ، فَإِنَّهُ مِمَّا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ عَنْ الْبَدَنِ يَجُوزُ التَّطَهُّرُ بِهِ. قِيلَ: وَقَدْ عَارَضَهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَقَالِ أَنَّ النَّبِيَّ