3188 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، فَقَالَ: وَيْلَك فَمَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْت وَخَسِرْت إنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَأْذَنُ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يَنْظُرُ إلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى نَضِيِّهِ - وَهُوَ قِدْحُهُ - فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ» ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْت هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْت إلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي نَعَتَهُ) .
3189 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «بَعَثَ عَلِيٌّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ: الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيُّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيُّ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيّ، وَزَيْدٌ الطَّائِيُّ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي كِلَابٍ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ، قَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا؟ قَالَ: إنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: مَنْ يُطِعْ اللَّهَ إذَا عَصَيْتُ؟ أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي؟
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. . . إلَخْ) . قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّمَا اسْتَحْلَفَهُ لِيُؤَكِّدَ الْأَمْرَ عِنْدَ السَّامِعِينَ وَلِيُظْهِرَ مُعْجِزَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ عَلِيًّا وَمَنْ مَعَهُ عَلَى الْحَقِّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلِيَطْمَئِنَّ قَلْبُ الْمُسْتَحْلِفِ لِإِزَالَةِ تَوَهُّمِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ عَلِيٌّ أَنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ فَخَشِيَ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَسْمَعْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا مَنْصُوصًا، وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ قَوْلُ عَائِشَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ لَمَّا سَأَلَتْهُ مَا قَالَ عَلِيٌّ؟ فَقَالَ: سَمِعْته يَقُولُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ عَلِيًّا إنَّهُ كَانَ لَا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ إلَّا قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَيَذْهَبُ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَيَكْذِبُونَ عَلَيْهِ وَيَزِيدُونَ، فَمِنْ هَذَا أَرَادَ عَبِيدَةُ التَّثَبُّتَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِخُصُوصِهَا.
، (وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ تَعْزِيرٌ لِحَقِّ اللَّهِ جَازَ لِلْإِمَامِ تَرْكُهُ، وَأَنَّ قَوْمًا لَوْ أَظْهَرُوا رَأْيَ الْخَوَارِجِ لَمْ يَحِلَّ قَتْلُهُمْ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ إذَا كَثُرُوا وَامْتَنَعُوا بِالسِّلَاحِ وَاسْتَعْرَضُوا النَّاسَ) .